للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثله إلَّا للتنبيه على كونه زللًا" (١)، ولا معنى للاعتناء بالتفريع عليه.

والوجه الثاني - وهو الذي ارتضاه الإمام، وقال الرافعي: "إنه الأصح" (٢): أنه يوجد القيمة من المالك لتكون رهنًا عند الحالف ولا ينزع المرهون من الأول، هذا إذا جعلنا اليمين المردودة كالبينة، وإن جعلناها كالإقرار، وهو الصحيح، وعليه اقتصر الماوردي هنا، فالأوجه الثلاثة التي في الكتاب، وقال الماوردي: "إن ابن أبي هريرة حكاها" (٣) وأرجحها الثالث القائل بأنه يقر الرهن في يد المصدق، ويغرم للثاني قيمته لتكون رهنًا عنده. وأما الوجهان الأولان فبعيدان جدًّا؛ لأنه لو أقر للثاني بعد إقراره للأول لم يبطل إقراره للأول، ولا يقاسمه فيه، فإذا نكل بطريق الأولى، فالقول بالانفساخ أو بالقسمة هنا في غاية الضعف، كيف ينتزع حقًّا ثبت بغير بينة؟!

وكأن هذين الوجهين يجعلان اليمين المردودة أرفع من الإقرار؛ لأنها حجة تنتهي بالخصومة، فمن هذه الجهة عارضت الإقرار السابق ودون البينة؛ إذ لو كانت كالبينة لأبطلته، ولكن هذا لا يعرف في أحكام اليمين المردودة، بل المعروف فيها أنها كالإقرار على قول، وكالبينة على آخر. وأيضًا ففيه إبطال لحق الغير بغير حجة لا بينة ولا يمين من جهة صاحب الحق.

وقد وقع في كلام الرافعي هنا إشكال، فإنه قال: "إذا صدق أحدهما وكذب الآخر قضي للمصدق، وهل للمكذب تحليفه؟ إن قلنا: يغرم لو أقر للثاني، فله تحليفه.


(١) نهاية المطلب (٦/ ٢٦٧).
(٢) فتح العزيز (٤/ ٥٣١).
(٣) الحاوي الكبير (٦/ ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>