للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقد، فلا يسقط بتلفه الحق الذي بأصل العقد كالصداق؛ ولأنه لو كان مضمونًا لضمن فاسده، وقد قالوا: إن الرهن المأخوذ في العهدة لا يضمن، فدل على أنه غير مضمون. ذكر المصنف هذه الأدلة كلها إلا الثاني.

وأجابوا عن حديث الرهن بما فيه مع ضعفه بحمله على أنه محبوس بما فيه، أو مبيع بما فيه؛ لأنه يحتمل ذلك، ويحتمل أنه مضمون بما فيه، فوجب التوقف، وعن حديث "ذَهَبَ حَقُّك" (١) مع ضعفه بأنه يحتمل: ذهب حقك من الوثيقة، فلا تطالب برهن آخر، كما يطالب المؤجر بدابة أخرى إذا هلكت دابة.

قال: وهذا أشبه؛ لأنه لو أراد الدين لما أطلق حتى يعرف مقدار الدين والرهن.

قالت الحنفية: هو محبوس في يده بعقد استيفاء، فكان مضمونًا عليه؛ كالمبيع قبل القبض.

قلنا: لا تأثير للوصف، فإنه مضمون في الأصل والفرع إذا قضاه الدين، وإن لم يكن محبوسًا بالحق، ثم يبطل بما إذا عجل الأجرة في الإجارة، ثم تفاسخا وحبس العين بالأجرة، والمبيع عوض عن الدين لا ينفرد عنه، فإذا تلف سقط ما في مقابله، وهذا وثيقة ليس بعوض، فإذا تلف بقي الدين كالضمان والشهادة، ولأنَّ بتلف المبيع ينفسخ البيع، ولا يجوز أن يستحق الثمن مع انفساخ البيع، وها هنا لا ينفسخ بتلف الرهن قالوا: أخذه على وجه الاستيفاء، فكان حكمه إذا تلف حكم المستوفى كالسوم.

قلنا: ينتقض بالإجارة وأيضًا فإنا نقول: إن سبب الشيء فيما يتعلق بالضمان حكم مسببه فالمستام أخذ ليشتري، ويكون مضمونًا عليه، فيكون


(١) أخرجه أبو داود في "المراسيل" (١/ ١٧٢)، وابن أبي شيبة (٢٣٢٣٣) بإسناد مرسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>