للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التابعين ابن المسيب ومن الفقهاء ابن أبي ذئب وأحمد وأبو ثور.

والثاني: أنه مضمون بأقل الأمرين من قيمته، أو الحق المرهون به، وهو مذهب أبي حنيفة.

والثالث: أنه مضمون بقيمته، وإن زادت على الحق، ويترادان الفضل، فإن كانت قيمته ألفا والحق ألفين ضمنه المرتهن بألف، ويرجع على الراهن ببقية القيمة، وبه قال علي وعطاء وإسحاق.

والرابع: أنه مضمون بالحق حتى لو كانت قيمته درهمًا، والحق ألفا ضمنه بألف، وبه قال شريح والحسن والشعبي.

والخامس: إن كان تلفه ظاهرًا كالنهب والحريق وانهدام الدار، فهو غير مضمون وإن كان باطنًا كالسرقة فيضمن بقيمته، وهو مذهب مالك" (١).

وهذا الذي نقله عن مالك من ضمان الخفي هلاكه بقيمته، تقدم عن ابن المنذر مثله، وكذا نقله البويطي، والرافعي نقل عنه أنه مضمون بالدين (٢).

وقد استدل المصنف في "النكت" وغيره من أصحابنا من جهة القياس بأدلة منها، ما ذكره في الكتاب أنه وثيقة بدين ليس بعوض منه، وفيه احتراز من المبيع إذا هلك في يد البائع قبل القبض؛ ولأنه مقبوض عن عقد واحد بعضه أمانة، فكان جميعه أمانة كالوديعة والشركة.

وأراد ببعضه الذي هو أمانة ما زاد على قدر الحق، ولأن الرهن وثيقة لمن له الحق، فلو كان مضمونًا لكان وثيقة عليه، ولأن ما أمسكه بالرهن لم يضمنه بحكم الرهن؛ كالحَمْل الموجود حال الرهن إذا قلنا بدخوله، ولأنه أحد محلي حق المرتهن، فلا يسقط الحق بتلفه كالذمة، ولأنه من زوائد


(١) الحاوي الكبير (٦/ ٢٥٤ - ٢٥٥).
(٢) فتح العزيز (٤/ ٥٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>