للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قياس المضمونات، ولم يتفقوا على سقوط الدين بكماله بتلف المرهون، ولم يجمعوا على عدم كونه أمانة، فلم يبق إلا النظر، وهو مع كلام الشافعي.

وأما الحديث الذي احتجوا به، فهو قد أشار إليه الشافعي (١)، ورواه أبو داود في "المراسيل" (٢) عن محمد بن العلاء عن ابن المبارك عن مصعب قال: سمعت عطاء يحدث أن رجلًا رهن فرسًا، فنفق في يده، فقال رسول الله للمرتهن: "ذَهَبَ حَقُّك".

وروى أبو داود أيضًا في "المراسيل" (٣) عن طاوس، أن النبي قال: "الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ"، وعن ابن أبي الزناد عن أبيه قال: إن أناسًا يوهمون في قول رسول الله : "الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ". ولكن إنما قال ذلك فيما أخبرنا الثقة من الفقهاء أن رسول الله قال: "الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ" إذا هلك وعميت قيمته، يقال حينئذ للذي رهنه: زعمت أن قيمته مائة دينار أسلمته بعشرين دينار أو رضيت بالرهن، ويقال للآخر: زعمت أن ثمنه عشرة دنانير فقد رضيت به عوضًا من عشرين دينار (٤). انتهى ما ذكره أبو داود.

والجواب عن المرسل بضعفه، وعما قاله أبو الزناد: أنه ليس مجمعًا عليه، وروى الدارقطني مما احتجوا به عن حميد عن أنس عن النبي قال: "الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ"، قال الدارقطني: لا يثبت هذا عن حميد، وكل من بينه وبين شيخنا ضعفاء (٥)، وهم أحمد بن محمد بن غالب عن عبد الكريم


(١) الأم (٣/ ١٩٢).
(٢) مراسيل أبي داود (١٨٨).
(٣) (١٨٩).
(٤) (١٩١).
(٥) سنن الدارقطني (٢٩١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>