للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحنفية عن علي، وبالغ الطحاوي فقال: "فعمّن أخذ قوله هذا؟ أو مَن إمامه فيه؟ وقد روينا عن رسول الله خلافه، وعن تابعي أصحابه خلافه، وقد روي عن أئمة أصحابه خلاف ذلك أيضًا" (١)، ثم ذكر الآثار التي تقدم جوابها بغير زيادة.

ورأي الطحاوي أن هلاك الرهن يبطل الدين، قال: "غير أن أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا ذهبوا في الرهن إلى ما رويناه عن عمر والنخعي، وأشار الطحاوي بما ذكر إلى أن الشافعي غير مسبوق في قوله: إن الرهن أمانة وليس بصحيح؛ لأن سعيد بن المسيب قال: له غنمه وعليه غرمه" (٢).

وقد تقدم قول من قال: إن هذا مدرج من كلامه، وهو قول أبي داود وقول من قال: إنه من الحديث، وهو قول الشافعي والجمهور وإن كان من الحديث، وهو راويه فلا يخالفه، فعلى كل تقدير يغلب على الظن أنه قائل بأن الرهن أمانة كما يقوله الشافعي.

واعلم أني لم أر في هذه المسألة للصحابة شيئًا، إلا ما تقدم عن علي في بعض الروايات عنه: يترادان الفضل، وفي بعضها تفصيل، ولم ينقل عن غيره من الصحابة شيء إلا أبا هريرة، فإنه قال: أمانة، كما قاله الشافعي على ما نقله الماوردي (٣)، وإلا ابن عمر، ففي "مصنف ابن أبي شيبة" (٤) عنه: أنهما يترادان الفضل، وهذه مسألة جزئية لا ينتشر الكلام فيها وكذلك التابعون كلامهم فيها قليل، وقد عرف كلام ابن المسيب فيها، والقول بالضمان فيها مخالف للقواعد؛ إذ لم يقل الخصم: أنه يضمنه بقيمته


(١) شرح معاني الآثار (٤/ ١٠٢ - ١٠٣).
(٢) شرح معاني الآثار (٤/ ١٠٤).
(٣) الحاوي الكبير (٦/ ٢٥٤).
(٤) مصنف ابن أبي شيبة (٢٢٧٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>