للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التخليل كان طاهرًا.

وإن قلنا بنجاسة المطروح: فالوجهان مأخذهما أنه هل يطهر بطهارتها كالدن أو لا؟ ولم ينظر الإمام إلى هذا المأخذ، وأشار إلى بناء الخلاف على العلتين، ورجح القول بالطهارة؛ لأنه يختار التعليل بتحريم التخليل (١).

وزعم ابن الرفعة: أن ما اختاره الإمام من الطهارة في هذه نص عليه الشافعي في "الأم"، إذ قال: "ولو رهنه عصيرًا فصبّ فيه الراهن خلًّا أو مِلْحًا أو ماء فصار خلًّا كان رهنًا بحاله" (٢). انتهى. وهذا النص ليس فيه أنه صار خمرًا، ثم صار خلًّا حتى يؤخذ منه موافقة الإمام والتمسك بإطلاقه أو بكونه لا يصير خلًّا حتى يصير خمرًا ضعيف.

والظاهر أن الشافعي ما أراد إلا إذا صار خلًّا ولم يصر خمرًا، وذلك لا خلاف فيه، والذي قاله صاحب "التهذيب" أقوى، ولعل الرافعي إنما ترك تصحيحه، واقتصر على نسبته إليه؛ لما أشرت إليه من ترتيب الخلاف، ولو صح عنده البناء لصحح عدم الطهارة؛ بناء على العلة الصحيحة كما فعل في الفرع الذي قبله، ولو طرح العصير على الخل، وكان العصير غالبًا يغمر الخل عند الاشتداد، ففي طهارته إذا انقلب خلًّا هذان الوجهان، ولو كان الخل غالبًا يمنع العصير من الاشتداد، فلا بأس:

فرع

علل الشيخ أبو محمد النجاسة في الفرع المتقدم، بأن تلك الأعيان لا حاجة إليها في التخليل كما قدمنا الإشارة إليه، فقال ابن الرفعة: قوله: تلك الأعيان لا حاجة إليها؛ احترز به عما إذا ألقى الماء في حالة العصير، فإنه يطهر قولًا واحدًا عند الاستحالة خلًّا، كما قاله في


(١) نهاية المطلب (٦/ ١٥٨).
(٢) الأم (٣/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>