للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخمر قسمان: محترمة، وغير محترمة، وفسروا المحترمة بما عُصر لقصد الخلِّية، وغير المحترمة بما عُصر لقصد الخمرية، وسأفرد فرعًا لتحقيق ذلك، واستدلوا لكون القسم الأول محترمًا بأن اتخاذ الخل جائز بالإجماع، ولن ينقلب العصير على الحموضة إلَّا بتوسط الشدة، ولو لم تحترم وأريقت في تلك الحالة لتعذر إيجاد الخل، وفي القسمين المحترمة وغير المحترمة أحكام نرسمها في ضمن فروع.

أحدها: تخليل الخمر بطرح العصير، أو الخل، أو الخبز الحار، أو الملح، أو نحوه فيها حرامٌ، والخل الحاصل نجس، وبه قال أحمد.

وقال أبو حنيفة: يجوز تخليلها، والخل الحاصل طاهر. وعن مالك روايتان؛ إحداهما: كمذهبنا. والأخرى: أنه مكروه. ولكنه لو فعل حلَّ.

قال الشافعي في رواية أبي سعيد (١): "ولا تحل الخمر عندي - والله أعلم - أبدًا إذا أُفسدت بعمل آدمي" (٢).

لنا ما روى مسلم (٣) في "صحيحه" من حديث أنسٍ قال: سئل رسول الله عن الخمر تُتخذ خلًّا، قال: "لّا".

وفي "سنن أبي داود" (٤) عن أنس، أن أبا طلحة سأل النبي عن أيتامٍ ورثوا خمرًا، قال: "أَهْرِقْهَا"، قال: أفلا أجعلها خلًّا؟ قال: "لا". ورواه


(١) كتب بهامشه: حاشية بخط المصنف أبو سعيد بن أبي عمرو، شيخ البيهقي، يروي عن الأصم عن الربيع.
(٢) الأم (٣/ ١٦٢ - ١٦٣).
(٣) مسلم (١٩٨٣). وأخرجه: الترمذيُّ (١٢٩٤) وقال: حسنٌ صحيحٌ.
(٤) أبو داود (٣٦٧٧). وأخرجه: الترمذيُّ (١٢٩٣)، وأحمد (٣/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>