للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحكام الجناية.

وقد بقي مما نرى ذكره هنا من أحكام الجناية فروع:

أحدها: أنه لا فرق في الجناية، وكون المرتهن يتعلق ببدلها، بين أن تذهب قيمة المرهون أو ينقصها، أما إذا أذهبت جزءًا ولم تنقص القيمة كما إذا قطع ذكر العبد، ففي "الحاوي": "أن القيمة الواجبة بهذه الجناية تختص بالراهن ولا يتعلق بها حق المرتهن، كالنماء" (١).

الثاني: لا خلاف أن المرتهن يتعلق بأرش الجناية، ولكن ما دام في ذمة الجاني هل يوصف بكونه رهنًا؟

فيه خلاف حكاه الإمام عن المراوزة والعراقيين، فقال: "أطلق المراوزة القول بأن أرش الجناية لا يتصف بكونه مرهونًا، فإنه دين، والدَّين لا يكون مرهونًا، وألحقوا مصير العين المرهونة بسبب الإتلاف دينًا في ذمة المتلف بانقلاب العصير خمرًا، وقالوا: إذا قبض الأرش كان التفصيل فيه كتفصيل الخمر إذا انقلب خلًّا، يعني: فإن كان ذلك بعد القبض عاد الرهن، وإن كان قبله ففي عود الرهن خلاف، وذكر العراقيون عن بعض الأصحاب أن الدين، وإن كان لا يجوز تقديره مرهونًا ابتداء، فإذا استقرَّ الرهن على عين وجني عليها جانٍ، فالدين اللازم بسبب الجناية على عين مرهونة مرهون وليس كالخمر، فإن الدين مملوك والخمر ليست مالًا" (٢). انتهى.

قال ابن الرفعة: وللخلاف التفات على أن الدين هل هو مال أم لا؟ وفيه خلاف، والأشبه أن يقال: إن كان ذلك قبل القبض لم يوصف بالرهنية إلَّا عند القبض إذا قلنا: لا يبطل الرهن، وإلَّا وُصف، والفرق أن قبض الدين


(١) الحاوي الكبير (٦/ ١٦٠).
(٢) نهاية المطلب (٦/ ٢١٦). بتصريف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>