للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا مما يدلك على أنه قتل القصاص لا يبطل وإن لم يكن مال، بل يبقى لاحتمال ثبوت المال ومحل الحكم ببطلان الرهن بالقصاص إذا كانت الجناية على النفس.

ومن قول المصنف: إن المرتهن يحلف على أحد القولين، وتقسيمه بعد ذلك الجناية إلى موجبة للقود وغيرها، تعلم أنه لا فرق في حلف المرتهن بين أن تكون الجناية عمدًا أو خطأً، وكذلك صرَّح به غيره؛ لأن العمد قد يصير إلى المال، وهذا في الحلف سهل وفي الدعوى إذا قلنا: للمرتهن المخاصمة قد يستشكل من جهة أنه لا حق للمرتهن في القود، فكيف يدعي وكأنه احتمل ذلك، كما احتمل دعوى السيد.

وإن قلنا: الواجب أحد الأمرين مع إبهامها إما دعوى المرتهن بالمال حيث يجب أو دعواه بردِّ العين فلا إشكال فيها، وإن قال: لا أقتص ولا أعفو. وأراد التأخير فطريقان سماهما المصنف وجهين، وكثيرًا ما يقع في كلامه ذلك وهو صحيح؛ لأن الطرق في الوجوه للأصحاب وإن اختصت الطرق بتصرف، فكل طريق وجه ولا ينعكس.

وقد حكى الرافعي الطريقين من غير نسبة، ولم يصحح منهما شيئًا (١).

وقال النووي: "ينبغي أن يقال: إن قلنا: إذا عفا على أن لا مال لا يصح أُجبر وإلَّا فلا" (٢).

ولك أن تقول: إذا قلنا: لا يصح فالخيرة بين القصاص والمال.

وإن قلنا: يصح، فالخيرة بين القصاص والمال والعفو مجانًا، فلم يجبر إذا كانت الخيرة بين شيئين ولا يجبر إذا كانت بين ثلاثة، وحق المرتهن


(١) فتح العزيز (٤/ ٥١٤).
(٢) روضة الطالبين (٤/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>