للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها موسرًا كان السيد أو معسرًا، ولك أن تقول: هو مستحق البيع، موسرًا كان السيد أو معسرًا، ولكنه إذا كان السيد موسرًا وبيع تكلَّف السيد أن يأتي بمثل قيمته رهنًا، كما اقتضاه نصه في المزني، فكان ترك بيعه وإلزام السيد بالأرش أولى، وينبغي ألَّا يكون في هذا خلاف، أعني في جريان الوجهين في اليسار والإعسار.

وكلام المصنف والعراقيين لا يأبى ذلك، بل معناه إن كان موسرًا، فلا حاجة إلى البيع، بل يطالب السيد بالأرش، وإن كان متعلقا برقبة العبد على أحد الوجهين، وإن كان معسرًا، فليس لنا شيء يمكن المطالبة به الآن إلَّا الرقبة، فذكروا الوجهين هنا؛ للاحتياج إليها، وإن كانت جارية في الأصل هذا الذي ينبغي حمل كلام الأصحاب عليه فلا خلاف بين الطريقين ولا تباين، نعم كلام الماوردي (١) مشير إلى التباين وسنحكيه في فرع، والنص الذي حكيناه ظاهره صحة البيع حالة اليسار، فما ظنك بحالة الإعسار!

نعم، إذا قلنا بالتعلق حالة اليسار، فهل يتعين الأرش طريقًا؛ جمعًا بين الحقين لئلا يُباع، فيطالب الراهن بقيمته رهنًا أو للمجني عليه المطالبة بالبيع، ظاهر كلام المصنف وغيره يقتضي الأول وكلام الشافعي محتمل للثاني، فإنه قال: "فبيع في الجناية كلَّف السيد أن يأتي بمثل قيمته" (٢)، فهذا دليل على أن البيع في الجناية قد صح، ولو لم يكن مستحقًّا لما صحَّ، ومنه يؤخذ استحقاقه حالة الإعسار بطريق الأولى.

وقد ذكر الأصحاب ثلاثة أجوبة عن هذا النص:

أحدها: ما ذكره المصنف إذا ثبتت الجناية بالبينة وادعى السيد الاذن،


(١) الحاوي (٦/ ١٦٦).
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>