ذلك لا تجوز، فهو كالآلة، وحكم الجناية من القصاص أو الدية متعلق بالسيد بلا خلاف، وكذا إذا كان العبد مجنونًا طارئًا والوجهان في معنى كلام الشافعي راجعان إلى أن مثل هذا العبد هل يتعلق المال برقبته؟ وفيه وجهان؛ أحدهما: نعم؛ لأنه متلف، وأصحهما: لا؛ لأنه آلة، وهو قول ابن أبي هريرة، والأول يُعزى لأبي إسحاق المروزي؛ تمسكًا بظاهر ما نقله المزني.
فإنه قال:"ولو كان السيد أمر عبده، بالجناية، فإن كان يعقل بالغًا، فهو آثمٌ ولا شيء عليه، وإن كان صبيًّا أو أعجميًّا فبيع في الجناية كلف السيد أن يأتي بمثل قيمته يكون رهنًا مكانه"(١). انتهى.
فإن قلنا متعلق برقبته فمعناه مع التعلق بذمة السيد، فيقدم المجني عليه بثمن العبد والباقي في ذمة السيد، ولا يخرج العبد بأمر السيد عن أن تتعلق الجناية برقبته، ونظيره إذا التقط العبد، فعلى السيد أخذها منه، فإن لم يفعل حتى استهلكها العبد، ضمنه السيد في ماله، وفي رقبته وجهان، وقال القاضي حسين: إن الوجهين يلتقيان على أن المكره على إتلاف مال هل يكون طريقًا للضمان؟! إن قلنا: نعم؛ تعلق برقبة العبد، وإلا فلا.
قلت: لكن المذهب أن المأمور طريق في الضمان، والصحيح هنا أنه لا يتعلق برقبة العبد، والفرق ظاهر، ظاهر كلام طائفة الأصحاب أنه لا فرق في جريان الوجهين بين أن يكون السيد موسرًا أو معسرًا، هكذا يقتضيه كلام المراوزة، وأما المصنف والعراقيون، فإنما ذكروهما فيما إذا كان معسرًا.
حتى إن ابن الصباغ ردَّ على القائل بالبيع بأنه لو تعلقت الجناية به لبيع