للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قدمت في باب بيع الأصول والثمار، في فرع نقله أحمد بن بشرى في نصوص الشافعي، أنه إذا اشترى الثمرة قبل بدو الصلاح بشرط التبعية وقطع منها شيئًا، قال الشافعي: "فإن كان له مثل رده، ولا أعلم له مثلًا، وإن لم يكن فقيمته" (١)، فهذا النص يدل على أن المثلي في البيع الفاسد يضمن بالمثل، كما هو القياس، وهو، وهو الأقرب.

وقول الماوردي: "أنه لم يضمنه وقت القبض بالمثل، وإنما ضمنه بالعوض" (٢).

جوابه: أن ضمانه بالعوض قد زال بالفسخ، وصار كما لو لم يرد عليه عقد.

وحكمه: أن يضمن بالمثل، ثم إن الماوردي يطرد ذلك في المأخوذ بالسوم والبيع الفاسد، ويعلل بالعلة المذكورة، ولا يتم له فيهما دعوى أنه لم يضمنه بالمثل؛ لأنه إن أراد في زعمه، وأنه لم يأخذه على ذلك، فلا اعتبار بذلك، ألا ترى أن الغاصب لو ظن عدم الضمان أصلًا لم يلتفت إليه، وإن أراد في حكم الشرع، فهذا محل النزاع.

ونحن نقول: إنه يضمنه بالمثل، وإن أراد أنه دخل مع المالك على أن يضمنه بالعوض لا بالمثل، قلنا: ذلك بناء على ظن الصحة أو بقاء العقد، فأما عند الفساد، أو الانفساخ، أو التلف، أو التلف في المستام، قبل الشراء، فلم يتفقا فيها على شيء، ثم يلزمه على مساقه أن يوافق ابن خيران في إيجاب الأقل كما سيأتي، فقد تبين أن الظاهر والأوفق للقياس الذي لا معارض له، أنه يضمن المثلي بالمثل في البيع الفاسد والمفسوخ والمستام


(١) الأم (٣/ ٨٤).
(٢) الحاوي الكبير (٥/ ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>