للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البناء، فإنه قال: "ففيها قولان؛ أحدهما أن جنايته على سيده إذا أتت على نفس سيده، كجنايته على الأجنبي لا يختلف في شيء، ومن قال هذا قال: إنما معنى إذا ترك الولي القود على أخذ المال إن أبطل الجناية؛ لأن الجناية التي لزمت العبد مال الوارث، والوارث ليس بمالك للعبد يوم جنى، فيبطل حقه في رقبته بأنه ملك له.

والقول الثاني: أن الجناية هدر من قبل أن الوارث إنما يملكها بعد ما يملكها المجني عليه، ومن قال هذا قال: لولا أن الميت مالك ما قضى بها دينه". انتهى.

ولما ذكر ابن الصاغ عن ابن أبي هريرة البناء المذكور قال: قال أصحابنا: وهذا ليس بصحيح؛ لأنها إذا وجبت بعد موت السيد، فقد وجبت لهم على ملكهم.

والقولان بحالهما، وفيما قاله نظر؛ لأنه إذا فرعنا على أنها وجبت لهم بعد موت المورث من أين لنا أن القولين على حالهما، ولا شك أن ابن أبي هريرة ينكر ذلك، وصاحب "البيان" حكى كلام ابن الصباغ، وزاد، فقال: بل القولان أصل بأنفسهما غير مبنيين على غيرهما. انتهى.

فإن كان حجته ما قاله ابن الصباغ، فقد ظهر منعه، والرافعي قال: "وأبى الجمهور هذا البناء، وقالوا: قضية القولين ألَّا يثبت شيء، إما إذا قلنا بالتلقي، فظاهر، وأما إذا قلنا بالقول الآخر؛ فلأنه كما يمتنع ابتداء المال للمالك في ماله دوامًا يمتنع إثباته للمالك ابتداء" (١).

وهذا الذي قاله الرافعي لعله أخذه من ابن الصباغ ومن وافقه، وهو إذا حمل على القدح في البناء مع الاعتراف بالقولين فيه ما سبق مع ابن


(١) فتح العزيز (٤/ ٥١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>