للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هلاك المبيع الرجوع بالأرش؛ لأنه أقل للمنازعة.

وأيضًا فالرد يعتمد المردود، وهو مفقود، ولذلك قال الغزالي: "لا رد؛ إذ لا مردود" (١)، والفسخ يعتمد العقد وهو موجود، وهذا المعنى قد يؤخذ من كلام الشافعي المتقدم عن "المختصر" في قوله: "لأن الحكم أن يفسخ العقد، فقائم وفائت سواء" (٢)، ويؤيده أن من اشترى جارية بثوب فسلم الثوب وقبض الجارية ووجد بها عيبًا، وقد تلف الثوب في يد صاحبه، فإنه يرد الجارية ويفسخ البيع ويرجع بقيمة الثوب، وتلفه لا يمنع من ورود الفسخ عليه، وهذا ينقض عليهم ما ألزموا به.

وأما امتناع رجوع غريم المفلس، فلأنه لم يجد سلعته بعينها، وهو سبب الفسخ عند الفلس، فلم يلزم ما ذكروه، والفسخ بالإقالة بعد التلف على وجه ممتنع؛ لأنه لا ضرورة إليها، والأصح جوازه، ويرد على طريقة مشايخهم ما إذا اشترى عبد الجارية وهلك أحدهما ووجد بالآخر عيبًا، فإنه يصح الفسخ على ما تقدم عنهم وهو فسخ، ورد على الهالك، فإن اعتذروا بأن الهالك بيع للقائم قلنا: كل واحد منهما مقصود بالعقد، فلا يجعل أحدها تابعًا، ثم يبطل بما إذا باع سلعتين وهلكت إحداهما ثم اختلفا، فإنهما لا يتحالفان عندهم، ولا يجعل الهالك تبعًا للقائم، ورد عليهم أيضًا ما إذا قتل المبيع في يد البائع بجناية أجنبي، فإنهم قد قالوا بالتحالف والفسخ يرد على تالف، فإن قالوا: البيع انتقل إلى القيمة.

فقد أجاب المصنف في "النكت": بأن البيع لا ينتقل من شيء إلى شيء، قال: ولو انتقل لفسد البيع إذا زادت القيمة على الثمن أو نقصت؛ لأنه ربا، ويرد عليهم الشراء الفاسد إذا تلف الشيء عند المشتري، فإنهم جوزوا


(١) الوسيط في المذهب (٣/ ١٢٨ - ١٢٩).
(٢) مختصر المزني (٨/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>