مؤكد للنقض، وإنما يكون ذلك عذرًا فيما خالف قياس المذهبين.
أما إذا انفرد قياس الخصم في صورة النقض كان لازمًا له، وكذلك ينتقض قولهم بالمختلفين في البيع والهبة، فقد وافقوا على أنهما يحلفان بعد التلف، وإنما اعتذروا له عن إقامة المشتري البينة بعبارة أخرى غير ما تقدم وهي: أن المقصود دفع اليمين، وذلك يجوز إذا أتى بصيغة الإثبات كالمودع، ورُدَّ ذلك بأنه لو كان نافيًا حقيقة لم ينفعه العدول إلى صيغة الإثبات، كالداخل مع الخارج على مذهبهم.
قال الأصحاب: وإنما صدقنا المودع بيمينه، وإن كان مدعيًا من كل وجه لحاجة إخفاء الودائع، وفي تكليف الإشهاد إظهار لها، وفي تعريض المودع لضمان التلف، أو الرد من غير مخلص منع الناس من قبول الودائع، وقد اعترف المودع بأمانته، فلزمه تصديقه، وليس لما ذكروه من أنه مُدَّع صورة لا حقيقة.
الطريقة الثانية في البحث: طريقة مشايخهم غير أبي زيد قالوا: الهلاك لا يكون محل فسخ العقد بدليل الرد بالعيب، فإنه لا يرد بعد التلف، وكذلك غريم المفلس لا يرجع إذا كانت السلعة هالكة عندكم.
والجواب: أن التحالف ليس لفسخ العقد، وإنما التحالف لصحة الدعوى من الجانبين، ثم إذا تخالفا ولم يكن الأخذ مأخذ القولين أولى من الآخر بطل العقد، وعلى أحد الوجهين من غير فسخ، وفسخ إن لم يتفقا على القول الآخر، وهذا بعد الهلاك جائز، كما لو اتفقا بعد هلاك السلعة على جهالة الثمن.
وأما الرد بالعيب فإنما امتنع بعد التلف؛ لأن المقصود دفع الضرر عن المشتري، ولذلك يكون بالفسخ تارةً وبالرجوع إلى الأرش أخرى، فأصلح الجهتين عند قيام المبيع هو رد المبيع وفسخ العقد، وأصلح الجهتين عند