للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة: إذا كان الدَّين مؤجلًا، وأطلق الإذن، فيبطل الرهن بالبيع، لما ذكره المصنف، ولا يلزم الراهن أن يدفع من ثمنه شيئًا ولا أن يجعل رهنًا مكانه.

وعن أبي حنيفة: "أنه يلزمه أن يرهن ثمنه مكانه أو يقضي الدين" (١).

لنا: القياس على العتق والهبة، واعترض ابن الرفعة بالفرق بأن ملكه في البيع ينتقل إلى الثمن، فجاز أن يجري عليه حكمه، وقال: إنه لا يبعد أن يقول بعض أصحابنا بقول أبي حنيفة؛ تفريعًا على أنها لو شرط ذلك أخذًا من أن إذنه المطلق متردد على إبطال حقه من الوثيقة، أو من عينها دون ماليتها، والأصل بقاء حقه، لكني لم أر من قال به، ولا أومى إليه، ولعل سببه أنا أبا حنيفة يقول كما يفهمه كلام من نقل عنه من أصحابنا أنه يحتاج إلى تجديد عقد الرهن، والرهن عندنا لا يجب بحال وما ذكرناه من البحث يقتضي أن حكم الرهن يتعدى إلى الثمن من غير عقد، كما نقول في الأرش المأخوذ من الجاني على المرهون أو بعضه يصير مرهونًا بقبضه من غير إنشاء عقد. انتهى.

والجواب: أما كون ملكه ينتقل إلى الثمن، فلا يقتضي أن ينتقل إليه الرهن، وأما حمل الإذن المطلق على إبطال عين الوثيقة دون ماليتها، فالوثيقة ليست إلَّا في العين، وانتقالها إلى البدل في الجناية بحكم الشرع ولم يصدر ما يبطلها، وهنا صدر ما يبطلها وهو البيع الذي ليس لحق المرتهن، فإنه إنما استحق البيع عند الحلول وقبله البيع غير مستحق والرهن ينافيه، فإذا أذن فيه ووجد ارتفع الرهن لمضادته إياه، وأما صحته على رأيي إذا شُرط فليس من هذا القبيل، بل هو من باب نقل الوثيقة بالتراضي ولم


(١) انظر: التجريد للقدوري (٦/ ٢٧٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>