للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرش في ذمة الجاني لا يحكم بأنه مرهون حتى يتعين، فيصير مرهونًا، فلا جرم، قال ذلك هنا.

ولنا وجه: أنه يحكم بأنه مرهون. وقال النووي: إنه أرجح، وهو كما قال، وعلى هذا لا يصح قوله مهما بذل القيمة صارت رهنًا؛ لأنها رهن قبل ذلك، وقوله: ولا حاجة إلى عقد مستأنف صحيح على الوجهين جميعًا، وهو عندي الصواب لا ينبغي جريان خلاف فيه.

وكذا في الأرش الذي يؤخذ من الجاني، وقال الرافعي في كتاب الوقف فيما إذا قُتل العبد الموقوف، واشتُري بقيمته عبد، هل يصير وقفًا بالشراء أم لا بدَّ من وقف جديد؟ "وجهان جاريان في بدل المرهون إذا أتلف" (١). وبالثاني قطع المتولي. وقال النووي: "الأصح أنه لا بد من إنشاء وقف فيه، ووافق المتولي آخرون" (٢).

قلت: وهذا في الوقف صحيح؛ لأنه إذا اشترى لجهة الوقف يكون ملكًا لتلك الجهة يستحق وقفه، ويمكن ردُّهُ بعيب ونحوه؛ فلذلك لا يصير وقفًا ما لم يوقف، وقد يظهر للناظر المصلحة في بيعه وشراء غيره مما هو أنفع للوقف، وأما القيمة التي تؤخذ عن الرهن، فلا مصرف لها غيره، وهي محبوسة حبس الرهن، وليس للراهن ولا غيره فكّ الحبس عنها إلَّا برضا المرتهن، فأي فائدة في إنشاء الرهن فيها.

* * *


(١) فتح العزيز (٦/ ٢٩٥) بمعناه.
(٢) روضة الطالبين (٥/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>