للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الجرجاني: إن كان لا يخاف تركها، ولا يؤمن قطعها لم يقطعها، وهذا منه يحتمل أن يكون موافقة لأبي إسحاق، ويحتمل أن يكون مفروضًا فيما إذا لم تغلب السلامة، وحينئذ يتجه القطع: بأنها لا تقطع، وإذا كنا نقول عند استواء الخوف من الجانبين يمتنع القطع، فهنا أولى.

والحاصل: أن الخلاف بين أبي إسحاق وأبي علي الطبري على ما يقتضيه كلام الأصحاب في حالتين؛ أحدهما: إذا استوى الخوف.

والثانية: إذا خيف من القطع دون البقاء، وقد عرفت ما فيه، وإنه إنما يتجه إذا جعلنا السيد كالأب والجد، وجوَّزنا ذلك لهما.

ولا فرق بين أن يكون العبد مرهونًا أو غير مرهون، إلَّا أن المرهون للمرتهن حق فيه يتسلط به على المنع في بعض الأحوال.

قال الروياني: "وإذا كان قطعه يزيد في قيمته؛ كالأصبَع الزائدة التي قطعها يزيد في قيمته ويخاف من قطعها التلف، ولا يخاف من تركها الضرر لا يجوز لواحد منهما قطعه؛ لأنه تعريض للتلف من غير حاجةٍ، فإن كان الغالب السلامة فعلى الخلاف" (١)، وهذا الذي قاله الروياني جيِّد في أن القطع لزيادة القيمة فيما إذا كان الغالب السلامة على الخلاف.

وأما تجويزه عند استواء الخوف، فلا وجه له إلَّا ما قدمناه، ومنع الروياني له عند الخوف من القطع دون الترك يقتضي أن السيد لا يلحق بالحر إذا قطع من نفسه؛ لأن الصحيح في مثل هذه الحالة أن للحر أن يقطع من نفسه، ولا فرق بين تلف النفس وتلف عضوٍ، وحكم السلعة على ما ذكرناه في الأكلة، والسلعة بكسر السين: غدة بين الجلد واللحم، وهي الخُراج بضم الخاء وتخفيف الراء، وحكم الخبيثة كالأكلة.


(١) بحر المذهب (٥/ ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>