للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشهور" (١)، وهو الأقوى؛ لنقصان الرغبة في الأرض المزروعة.

وينبغي أن يرتب الخلاف على بيع الأرض المزروعة إن منعناه امتنع الزرع، وإلَّا فوجهان؛ أصحهما: المنع؛ لما ذكرناه.

وقد اقتضى كلام الشافعي هذا: أنه متى وعد، فقلع الغرس لا يمنع منه، وهذا عجيب؛ لأنه قد لا يفي بوعده، ولم أرَ الأصحاب تعرضوا لذلك إِلَّا الروياني؛ فإنه قال في "البحر": "ولو قال: أقلعه وأنقضه إذا حلَّ الحق لا يمنع منه، إلَّا أن تنقص قيمته بذلك فمنع" (٢). انتهى.

وليت شعري! ما فائدة ذلك؟ ونحن إذا منعناه وخالف نقلعه إذا حلّ الحق شاء أو أبى، فوعده بالقلع ليس إلَّا ذكر حكم نحن نرهقه إليه، فالتجويز بهذا الوعد في معنى التجويز بدونه، وفيه تأييد لما حكاه الغزالي عن الربيع.

أما إذا كان الدين حالًّا، فقد جزم الرافعي وغيره بمنع الزرع (٣)، كما جزموا بمنع الغرس والدين حال.

تنبيه:

قدمنا خلافًا في أن الراهن هل له أن يستوفي المنفعة بنفسه، وإطلاق ذلك يقتضي جريان خلاف في الزراعة؛ حيث نجوزها، لكن الماوردي قال: "إن له الزراعة قولًا واحدًا، بخلاف سكنى الدار؛ لأن للساكن يدًا على الدار؛ فجاز أن يمنع منه الراهن إلَّا بإذن المرتهن، وليس للزارع يد على الأرض، وإنما يده على الزرع، فلم يمنع منه الراهن" (٤) انتهى.


(١) روضة الطالبين (٤/ ٨٠).
(٢) بحر المذهب (٥/ ٣٠٧).
(٣) فتح العزيز (٤/ ٤٩٢).
(٤) الحاوي (٦/ ٢٠٥) بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>