للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الجرجاني: إن انتفع بالدابة المرهونة، انتفع بها داخل البلد وما حوله من الأماكن القريبة دون الأماكن البعيدة؛ لئلا يزول سلطان المرتهن عنها. انتهى.

وهذه العبارة جيدة، فيها تقييد لقول الشافعي: أنه لا يخرجه من البلد، ويستفاد منه أن الإبعاد عن البلد ممتنع، وإن لم يكن على قصد السفر، وربما يُستفاد منه: أن الخروج من البلد إلى الأماكن القريبة لا يُسَمَّى سفرًا، وإن كنا نقول: عند قصد السفر تثبت أحكامه لمفارقة البلد، وكذلك صرح المتولي أنه يجوز للراهن إخراج الماشية إلى الصحراء للرعي إذا كان الزمان زمان أمن، فإن أراد البُعد عن العمران منعه إلّا إذا أجدبت تلك البقعة، فعلى ما سبق.

وذكر الأصحاب في علة امتناع السفر؛ حيث يمنعه ما فيه من الخطر والحيلولة القوية من غير ضرورة، قالوا: "ولمثل هذا منع زوج الأمة من المسافرة بها، وإنما جاز لسيدها أن يسافر بها لحقِّه المتعلق بالرقبة، ولئلا يتكاسل في تزويجها، ويجوز للحر والرقيق إذا أذن سيده سبيله أن يسافر بزوجته الحرة؛ رعاية لمصالح النكاح التي لها فيها الحظ الوافر" (١).

فرع

قال في "الوسيط": "لو أمكن استكساب العبد في يد المرتهن لم ينتزع من يده، وإن لم يحسن إلَّا الخدمة انتزع نهارًا ورد ليلًا" (٢)، وهذا يدل على أنه لا ينتزع إذا أمكن استكسابه، وإن طلب الراهن الخدمة.

قال الرافعي: "ولم يتعرض الأكثرون لذلك، وقضية كلامهم: أن له أن


(١) فتح العزيز (٤/ ٤٩٣) بمعناه.
(٢) الوسيط في المذهب (٣/ ٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>