للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكونا تراضيا أنها للمرتهن، فقال: هي رأس للمال لا للمرتهن، ويحتمل أن يكونوا صنعوا هذا متقدمًا على علمهم أنها لا تكون للمرتهن، ويشبه هذا لقوله: من عام حج رسول الله ، كأنهم كانوا يقضون أن الثمرة للمرتهن قبل حج النبي ، قال الشافعي: فلما كان الحديث هكذا كان ألا تكون الثمرة رهنًا ولا الولد ولا النتاج أصح الأقاويل عندنا، ولو قال قائل: إلَّا أن يتشارطا، فيشبه أن يجوز عندي، وإنما أجزته على ما لم يكن أنه ليس بتمليك، فلا يجوز أن يملك ما لا يكون، وهذا يُشبه معنى حديث معاذ، والله أعلم، وإن لم يكن بالبيِّن حدًّا كان مذهبًا، ولولا حديثُ معاذ ما رأيته يُشبه أن يكون عند أحد جائزًا، قال الربيع: ومنه قول آخر: إنه إذا رهنه نخلًا أو ماشية على أن ما حدث من النتاج أو الثمر رهن؛ كان الرهن باطلًا، وهذا أصح الأقاويل على مذهب الشافعي" (١). انتهى.

وقال البيهقي: إن حديث مُعاذ هذا أيضًا منقطع، وأما الحنفية، فإنهم يمنعون الراهن من الانتفاع، ويحملون قوله: "الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ" على أنه للمرتهن، ويثبتون تلك الزيادة الضعيفة، ويجعلون ذلك كله منسوخًا.

قال الطحاوي: "أجمع أهل العلم أن نفقة الرهن على الراهن لا على المرتهن، وأنه ليس للمرتهن استعمال الرهن" (٢)، وقال في الحديث: "كان هذا عندنا في وقتٍ ما كان الربا مُباحًا، ولم ينه حينئذٍ عن القرض الذي جرَّ منفعة، فلما حرمَ الربا حرمت أشكاله، وحرَّم بيع اللبن في الضروع، ودخل في ذلك النهي عن النفقة التي يملك بها المرتهن لبنًا في الضرع، ويملك


(١) الأم (٣/ ١٩٨ - ١٩٩).
(٢) شرح معاني الآثار (٤/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>