للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الماوردي: "وفيه نظرٌ؛ لأن اللفظ المبهم إذا لم يعلم مراده بمجرده لم يجز ادعاء العموم في موجبه، حتى يكون مستقلًّا بنفسه تناول شبر فصاعدًا، فحينئذٍ يجوز ادعاء العموم فيه" (١). انتهى.

ولأبي عبيد أن يقول: إذا كانت اللقطة لها معنيان في اللغة من غير ترجيح، فهي مشتركة، والمشترك عند الشافعي ومن وافقه إذا تجرَّد يُحمل علي جميع مَعانيه كالعام، لا سيما وهذا في النفي، وقد قال به في النفي من لم يقل به في الإثبات، أو يقال: إن الغلق قدر مُشترك، وبالنفي تنتفي جميع معانيه، فيصح كلام أبي عُبيد أيضًا، والتأويل الأول شاهدٌ لكون زوائد الرهن للراهن كما قصده المصنف، والتأويل الثاني شاهد لكون الرهن غير مضمون كما قصده الشافعي، وأكثر الأصحاب فإنهم صدَّروا به باب الرهن غير مضمون، وقال الشافعي في أول الرهن الصغير: "ومعنى قول النبي : "لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ بِشَيْءٍ"، أي إن ذهب لم يذهب بشيء، وإن أراد صاحبه افتكاكه، ولا يغلق في يدي الذي هو في يديه؛ كأن (٢) يقول المرتهن: قد أوصلته إلي فهو لي بما أعطيتك فيه، ولا يغير ذلك من شرط تشارطانه فيه، ولا غيره، والرهن للراهن أبدًا حتى تخرجه من ملكه بوجهٍ يصح إخراجه له.

والدليل على هذا: قول رسول الله : "الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ". ثم بينه ووكده، فقال: "لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ". قال الشافعي: وغنمه: سلامته وزيادته، وغرمهُ: عَطبه ونقصه" (٣). انتهى.


(١) انظر المصدر السابق.
(٢) في المخطوطة: "لأن". والصواب ما أثبتناه.
(٣) الأم (٣/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>