فرع: إذا استرجعها؛ فهي مضمونة عليه، وهل له بيعها بالإذن السابق؟!
فيه وجهان؛ أصحهما: وبه جزم الرافعي: له ذلك، وقاسه القاضي حسين على الوكيل، وقال: إن بعض أصحابنا غلط، فقال: لا يجوز.
قلت: وقد حكى جميع الأصحاب في الوكيل في البيع إذا تعدى فيما وكل فيه بأن لَبِس الثوب، أو ركب الدابة، أو شجَّ العبد، أو زنا بالجارية، كما مثَّل به الماوردي، أو وطئها بشبهة، كما مثَّل به القاضي حسين وجهين؛ أصحهما عند الجمهور: أنه لا ينعزل عن البيع، وإن خرج عن الأمانة فيما عدا وطء الشبهة.
ولنا: التمثيل بوطء الشبهة، فيقتضي أنه لا فرق بين أن يكون التعدي بفعل محرم أو مضمون، فالقول في بيع العدل هنا ثانيًا ينبغي أن يتخرج على ذلك.
إن قلنا: ينعزل بوطء الشبهة لم يكن له هنا البيع، سواء أكان مُفرطًا أم غير مفرطٍ، فإن ظن أن ذلك ثمن المثل.
وإن قلنا: لا ينعزل بوطء الشبهة، وينعزل بالزنا ونحوه، فيفرق هنا على أن يكون مفرطًا أو لا.
وإن قلنا: لا ينعزل مطلقًا، فها هنا كذلك لا ينعزل ويجوز له البيع، لكن هذا إنما يكون في العدل من جهتهما، أما المنصوب من جهة الحاكم فيشترط فيه الأمانة، فبالخيانة ينعزل، فلا يبيع، ثم إن الأمثلة التي أجروا الخلاف في تعذر الوكيل فيها وزانها هنا؛ تسليم السلعة لغير مستحقها، ونريد هنا: التصرف الفاسد المتقدم على التسليم، وهو حرام وتعدٍّ في عين الفعل المأذون فيه، حيث أوقعه على غير وجهه، فيحتمل أن يقال: إنه أولى