والأقرب عدم صحته؛ لأنا نقطع بأن الظالم منهما لم يثبت عليه شيء، ولو صدق وصل إلى حقه، فتشبيهه بمن وجد عيبًا ممتنع، فيجب أن يفوض إليه الفسخ باطنًا ولا ظاهرًا؛ لعدم تحقق موجبه، وأن ياتي وجه رابع كما اقتضاه كلام ابن الصباغ أنه لا ينفسخ إلَّا بفسخهما جميعًا؛ ليعرف فسخ المحق منهما أو فسخ الحاكم، ولم أر أحدًا ذكر هذا الوجه، ويجب القول به، ويبعد كل البعد أن يكون البائع بظلمه وجحده الحق مع تمكنه من الوصول إلى الثمن الذي وقع به العقد يتسلط على الفسخ، وقد رأيت الشاشي ﵀ في "الحلية" نقل الخلاف في أن الفسخ للحاكم أو للمتبايعين، ثم قال: وحكى الشيخ أبو حامد وجهًا آخر أن لكل واحد منهما أن ينفرد بفسخه.
قلت: وهذا الكلام يقتضي إثبات الوجه الرابع الذي أشرت إليه، وأنه فهم من قولهم الفسخ للمتبايعين اجتماعهما على الفسخ ومغايرته لما حكاه الشيخ أبو حامد، وهو إن كان متجهًا في المعنى لكني متوقف في إثباته نقلًا، فإن الشاشي ﵀ أخذ ذلك من ابن الصباغ، وابن الصباغ حكى القول بأن الفسخ للحاكم لم يقل ما حكاه الشيخ أبو حامد، ولم ينقل غير ذلك، والشيخ أبو حامد حكى ذلك في "تعليقته" كذلك، وغيره من الأصحاب؛ منهم من يطلق أن الفسخ للمتبايعين.
ومنهم من يبين أن المراد لكل منهما كما بينه الشيخ أبو [حامد](١)، ولم أر أحدًا جمع بينهما، كما فعله الشاشي.
فيحتمل: أن تكون العبارتان راجعتين إلى معنى واحد، كما ذكرناه ولا يكونان وجهين، كما ظنه الشاشي.
ويحتمل: أن يكونا وجهين متغايرين كما ظنه، وهو متجه في المعنى بعيد في الحكاية.
(١) ما بين المعقوفين ساقط من المخطوطة، وأثبتناه من سياق الكلام.