للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولنا بالجواز في الذمي يعني به الصحة والحلّ جميعًا؛ للحديث في رهن الدرع، وأما في الحربي إذا صححنا رهن السلاح منه، فهل يحل أو يجري فيه الخلاف الذي في المصحف، والعبد المسلم؟ لم أر فيه تصريحًا، والأقرب إلى كلامهم الأول وقول الشافعي لا بأس ظاهر فيه.

وقال صاحب "الاستقصاء": لا يجوز رهن السلاح والكراع عند أهل الحرب، فإن رهنه، فهو على الطريقين في العبد، يعني: هل يصح أو يكون على القولين في البيع؟ وظاهر كلامه المذكور الجزم بتحريمه، كما قاله هو أيضًا في العبد والمصحف. وعلى كل تقدير، فهل يسلم إليهم، وتستدام يدهم عليه أو يوضع عند عدل، كما في المصحف والعبد المسلم؟ لم أر فيه نقلًا منه والأقرب إلى كلامهم الأول، فإن صح ذلك، فيتعين أن يكون محله إذا لم يحصل للمشركين به شوكة، ولا توقع منه ضرر، ومتى كان كذلك يحصل به شوكة للمشركين أو ضرر على المسلمين اتجه التحريم والإجبار على وضعه عند عدل مسلم، وقد وقع في "المطلب" لابن الرفعة في رهن السلاح من الحربي ما يوهم أن الصحيح المنع، وليس بصحيح بل الصحيح الصحة، كما قدمناه وبه صرح في "روضة الطالبين" (١) وعليه يدل قول الشافعي: "ولا بأس أن يرهنه ما سواهما" (٢) -يعني: ما سوي المصحف والعبد المسلم - وهو يدل على الحل أيضًا الصحة.

قال الروياني: "فإن قيل: إطلاق هذا اللفظ يدل على جواز رهن كتب الأخبار عنده قلنا: مقصود الشافعي الأسلحة ولم يقصد تعميم الجواب؛ لأن المعنى موجود في هذا، وهو خوف الاستهانة، وقد نص الشافعي في


(١) روضة الطالبين (٤/ ٣٩).
(٢) مختصر المزني (٨/ ١٩٦) بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>