للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القطع قبل بدو الصلاح، ولا مساغ لذلك هنا، وكون العادة تقتضي الإبقاء؛ لم يقل أحد هناك: إنه مفسد للرهن، بل موجب لشرط القطع، فإذا تركه فسد الرهن لترك شرط القطع، لا لاقتضاء العادة الإبقاء، فكيف يُقال هنا: إنه مقتضٍ للفساد، وشرط القطع بعد الصلاح ليس بشرط، ولم يقل أحد في الحال بعد بدو الصلاح: إنه يشترط شرط القطع، وقول المصنف فيما إذا كان لا يستحق البيع إلا بعد الاختلاط إن شرط أنه إذا خيف الاختلاط قطعه جاز ظاهر، وهو الذي استثناه الشافعي، ولا خلاف فيه كما لو شرط فيما يتسارع إليه الفساد بيعه إذا خيف الفساد، ونص الشافعي على الصحة هنا إذا شرط البيع شاهد لما اتفق عليه الأصحاب من الصحة هناك إذا شرط البيع أيضًا، والمراد بالبيع أن يباع ليوضع ثمنه رهنًا، وما نحن فيه أَوْلى بالصحة؛ لأنه ليس فيه إلا شرط القطع، والمرهون باقٍ بحاله، فإذا فرض أنه لا يخاف فساده بعد القطع جُفف إن اقتضى الحال ذلك، وبقي بحاله رهنًا لا يحتاج إلى بيع، وفيما يتسارع إليه الفساد، يحتاج إلى البيع، وفيه نقل الوثيقة من عين إلى عين اغتفرناه للضرورة، فإن فرض في مسألتنا هذه أنه إذا قطع تسارع إليه الفساد احتيج إلى شرط القطع والبيع، وكانت تلك المسألة بعينها، واقتصار الشافعي والأصحاب هنا على شرط على القطع؛ لأنه القدر المختص بهذا الموضع.

وقوله: وإن لم يشترط، ففيه قولان هما القولان فيما يتسارع إليه الفساد، وهناك قد توقفت في ترجيح أحدهما، والبغوي هناك لم يصحح شيئًا غير أنه نسب الصحة إلى النص، وهنا قال: "الأصح أنه لا يصح، كما لا يصح البيع" (١)، وهو كلام جيد، وإشارة إلى الفرق بينه وبين ما يسرع فساده؛ لأن


(١) التهذيب (٤/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>