للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثمار مع الحادثة أيضًا إلى بدو الصلاح، ويكون قول المنع معتضدًا بما اقتضاه ظاهر النص من عدم التفرقة، لكني لم أره لأحد.

قلت: أراد بظاهر النص قول الشافعي في "المختصر": "وإن كان من الثمر شيء يخرج فرهنه، وكان يخرج بعده غيره منه، فلا يتميز الخارج الأول المرهون من الأخير لم يجز؛ لأن الرهن ليس بمعروف إلا أن يشترطا أن يقطع في مدة قبل أن يلحقه الثاني، فيجوز الرهن" (١). انتهى.

وهذا النص حمله الأصحاب على ما إذا كان مؤجلًا بأجل لا يحل حتى يحدث الحمل الثاني ويختلط، وهو الذي أراده المصنف في القسم الثاني، وأما مجيء القول بالمنع، فإن فرض أن هذه الصورة قبل بدو الصلاح، فلا شك فيه، ويكون فردًا من أفراد الثمرة قبل بدو الصلاح انضم إليها توقع الاختلاط، والأَوْلى فرض الكلام هنا فيما بعد بدو الصلاح؛ لئلا ينتشر الكلام، وحينئذٍ الرهن صحيح قولًا واحدًا لا نعرف خلافًا إذا كان الدين حالًّا ولا إذا كان مؤجلًا إلا ما حكيناه فيما مضى عن البغوي والرافعي، والصحيح خلاف ما قالا وأنه يصح، ويجب البيع عند حلول الدين قبل أوان الجداد، وما جزم به الأصحاب هنا يرد عليهما أيضًا.

نعم، يلزمهما أن يطردا ما قالاه هنا في المؤجل خاصة، ولا يلزمهما في الحال؛ لما تقدم أنهما يجعلان الحلول المقارن قرينة في شرط القطع أو الرافعي وحده يجعل ذلك (٢)، وقد يقولان هنا: إن حلول الأجل مع توقع الاختلاط موجب للبيع، فلا يلزم مجيء قول بالمنع هنا، وإن جرى هناك، أما الحال، فلا مجيء له فيه؛ لأن مأخذه هناك الإلحاق بالبيع في شرط


(١) مختصر المزني (٨/ ١٩٨).
(٢) فتح العزيز (٤/ ٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>