لأن العادة في الثمار الإبقاء إلى الإدراك، فأشبه ما لو رهن شيئًا على ألا يبيعه عند المحل، هكذا علله الرافعي والبغوي. وفيه نظر؛ لأن العادة لو اعتبرت بعد حلول الأجل لامتنع رهنها بالدين الحال، وقد صححا أنه لا يمتنع، والفرق بين الحلول المقارن والطارئ لا يظهر.
والقول الثاني: أنه يصح؛ لأن مقتضى الرهن بيعه عند المحل إن امتنع الراهن من فكه، هكذا علله البغوي، وإن رهنها بشرط القطع عند المحل.
قال الرافعي:"فمنهم من طرد القولين، ووجه المنع بما إذا باع بشرط القطع بعد مدة، فإن البيع يفسد لتضمنه شرط التبقية، ولو في زمن قريب، ومنهم من قطع بالجواز، وإليه أشار الشيخ أبو حامد وصاحب "التهذيب""(١).
وقال الرافعي في "الشرح الصغير": إنه الأظهر أعني القطع بالجواز، وقد يَتَوهم الناظر في "الشرحين" أن المراد القطع بالجواز هنا، وإن ترددنا في المرتبة الأولى إذا كان الدَّين حالًّا وليس كذلك، بل الكلام في هذه المرتبة مرتب على الأولى كما سنبينه، وذكر الماوردي ثلاثة أقوال في رهنها بدين يحل قبل بدوِّ الصلاح: أحدها: "أن اشتراط القطع مع العقد شرط في صحة الرهن، فإن لم يشترط قطعها في الرهن فسد الرهن، سواء أشرط قطعها عند حلول الدين أم لا، قال: فعلى هذا يكون حكمها حكم الطعام الرطب؛ لأن قطعها واجب، فإن كانت مما يبقى إلى حلول الدين صح رهنها، وإن كانت مما لا يبقى، فعلى قولين.
والقول الثاني: اشتراط قطعها مع حلول الدين شرط في صحة الرهن، ولا يلزمه أن يشترط ضمان قطعها مع العقد قبل الحلول، فعلى هذا رهنها