للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يجز الرهن، كان الدين حالًّا أو مؤجلًا إلا أن يتشارطا أن للمرتهن إذا حلّ حقه قطعها أو بيعها، فيجوز الرهن، وذلك أن المعروف من الثمرة أنها تترك إلى أن تصلح. ألا ترى أن النبي نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه؛ لمعرفة الناس أنه يترك حتى يبدو صلاحه، وأن حلالًا أن تباع الثمرة على أن تقطع قبل أن يبدو صلاحها؛ لأنه ليس المعنى الذي نهى عنه النبي ، وهكذا كل ثمرة وزرع رُهِن قبل أن يبدو صلاحه ما لم يجز بيعه، فلا يجوز رهنه، إلا على أن يقطع إذا حل الحق، فيباع مقطوعًا بحاله، وإذا حل بيع الثمر حَلّ رهنه إلى أجل كان الحق أو حالًّا" (١).

وقال في "مختصر المزني": "ولو رهنه الثمر دون النخل طلعًا أو مؤبرة أو قبل بدوِّ صلاحها لم يجز الرهن إلا أن يتشارطا أن للمرتهن إذا حل حقه قطعها وبيعها، فيجوز الرهن؛ لأن المعروف من الثمر أنه يترك إلى أن يصلح" (٢)، وذكرنا في ما قال في "الأم" بنحوه، وعن نصه في كتاب التفليس من "الأم" في باب: كيف يباع مال المفلس، "أنه لا يجوز رهن الثمرة في رؤوس النخل ولا الزرع قائمًا؛ لأنه لا يقبض ولا يعرف ويجوز بعد ما يجدُّ ويحصد" (٣). انتهى.

وقد رأيته في "الأم" بعد ذلك، وأطبق جمهور الأصحاب على حكاية قولين في رهنها قبل بدوِّ الصلاح بغير شرط، سواء أرهنت بدين حالٍّ أم بمؤجل، سواء أكان الأجل يحل قبل إدراك الثمرة أم بعده، ولكن الصحيح مختلف فيه كما سنبينه، وبيان ذلك برسم مراتب؛ إحداها: رهنها بدين حالٍّ فيه قولان؛ أحدهما: لا يصح كالبيع.


(١) الأم (٣/ ١٥٦).
(٢) مختصر المزني (٨/ ١٩٨).
(٣) الأم (٣/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>