للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجوز رهنه؛ لأنه لا يجوز بيعه قبل القبض وفي غيره من الدين المستقر إن رهنه ممن عليه جاز وجهًا واحدًا؛ لأنه يجوز بيعه منه وجهًا واحدًا، وإن رهنه من غيره فوجهان؛ أحدهما: يجوز؛ لأنه على هذا الوجه يجوز بيعه.

والثاني: لا يجوز؛ لأنه على هذا الوجه لا يجوز بيعه، وما قاله يقتضي ان الخلاف في الرهن مبني على الخلاف في البيع حيث امتنع (١) كالسلم، حيث جاز جاز، وهو إذا كان ممن عليه وحيث جرى وجهان في بيعه، وهو إذا كان من غير من عليه جرى وجهان في رهنه مبنيان عليهما، وكلام المصنف يمكن أن يحمل على هذا، وكذلك إطلاق الرافعي في صدر كلامه لكنه مخالف لنص الشافعي في تصريحه يمنع الرهن، وإن جاز البيع، ومخالف لما في "التتمة" من التسوية بين رهنه ممن عليه ومن غيره، وهكذا الماوردي جزم بأنه لا يجوز رهن الدين ممن عليه ولا من غيره، فبان بهذا أن قول صاحب "الاستقصاء" يجوز ممن عليه؛ وجهًا واحدًا ليس بجيد، بل الصحيح أنه لا يجوز وقطعه في المسلم فيه بالمنع صحيح إلا إن ثبت طريقه بإجراء الخلاف مطلقًا من غير بناء ولا ترتيب، وأشار صاحب "البيان" (٢) إلى تخصيص الخلاف بالمستقر، وإلى طريقة الترتيب، فقال: "في بيع الدين المستقر ورهنه وهبته من غير من عليه ثلاثة أوجه؛ أحدها: لا يصح واحد منها؛ لأنه غير مقدور على تسليمه.

والثاني: يصح الجميع منها وهو اختيار ابن الصباغ وصححه ابن أبي عصرون؛ لأن الذمم تجري مجرى الأعيان.

والثالث: أن البيع والهبة يصحان ويلزمان من غير قبض، ولا يصح


(١) كرر هنا في المخطوطة كلمة: "امتنع".
(٢) البيان (٦/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>