للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: فهو إذًا رهنه مرة كتابًا ومرة مالًا والرهن لا يجوز إلا معلومًا" (١). انتهى. وفيه إشارة إلى ما علل به المصنف، وعلله الغزالي بأن "الرهن يلزم بالقبض والقبض لا يصادف ما يتناوله العقد ولا مستحقًّا بالعقد" (٢)، فاحترز بقوله ولا مستحقًّا بالعقد عن رأس مال التسلم وبيع درهم بدرهم في الذمة، فإنه إذا قبض ما في الذمة قبض مستحقًّا بالعقد وإن لم يكن عين ما تناوله العقد، فإن المقبوض عين لا دين، وعلله المتولي مع ذلك بأن مقاصد الرهن حبس العين عن الراهن ليبعثه ذلك على الوفاء والأمن من الجحود والبيع في الدين، والثلاثة مفقودة في الدين ولم يحك المتولي فيه خلافًا، وصرح برهنه ممن عليه ومن غير مَن عليه، وأنه لا يصح فيهما، والوجه القائل بالجواز مستنده جواز بيعه، كما قاله المصنف، ومنه يعرف أن الوجهين مفرعان على جواز بيعه، فإن امتنع بيعه امتنع رهنه، فيكون الخلاف في رهنه مرتبًا على الخلاف في بيعه وأولى بالمنع، والرافعي ذكر هذا الترتيب عن بعضهم بعد أن ذكر الوجهين مطلقين وأشار إلى طريقة إما بانية، وإما مجرية للخلاف مطلقًا، سواء منعنا بيع الدين أم جوزناه (٣)، ولم أر مَن صرح بها، والإمام وافق الترتيب فقال: "إن الدين لا يجوز رهنه وفي جواز بيعه خلاف" (٤)، فإن صح أن فيه طريقة مطلقة، وإن بعضهم يجيزه مطلقًا، فلعل مأخذه أن المرهون إذا أتلف كان بدله في ذمة الجاني رهنًا وهي دين، لكنا نفرق بأن الدوام يحتمل فيه ما لا يحتمل في الابتداء، وفصل صاحب "الاستقصاء" بين دين السلم وغيره، فقال في دين (٥) السلم،


(١) الأم (٣/ ١٦٤ - ١٦٥).
(٢) الوسيط في المذهب (٣/ ٤٦١).
(٣) فتح العزيز (٤/ ٤٣٨).
(٤) نهاية المطلب (٦/ ٨١).
(٥) كرر هنا في المخطوطة كلمة: "دين".

<<  <  ج: ص:  >  >>