للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن "المهذب" (١) و "التهذيب" (٢) من أن الشفيع يفسخ الرهن فظاهر، فإنه يقتضي ارتفاع أثر الرهن وإن قلنا: لا يتسلط على الفسخ ولكن يتملكه مع بقاء حكم الرهن، فوجب أن يكون كجناية تطرأ على المرهون، فيحكم بالانتقال إلى بدلها، ولو كان مثله لوجب أن يحكم بأن نظير الحصة مما أفرز للراهن رهن، ولم يقل الإمام ولا غيره به مع أنه البدل الذي حصل عن الرهن، فالقول بإيجاب القيمة لا وجه له، وإن رجحه الإمام والرافعي والنووي، وكلا الاحتمالين ليس بمنقول، وإنما هو من فقه الإمام، فلا علينا في مخالفته وقواعد الفقه والمذهب ومساعدة المنقول يقتضي ما قلناه وهو أحد احتماليه دون ما رجحه، وإن كان الأرغياني في "فتاوى النهاية" وافقه على ترجيحه فهو تبع له، وإذا لم تجد في المسألة نصًّا عن الشافعي والأصحاب؛ وجب النظر فيما تقتضيه القواعد والدليل وهو معنا، وأما كون الراهن لا يتعلق بالبدل الحاصل للراهن بالقسمة، وإن أحدًا من الأصحاب لم يذهب إلى ذلك، فلأن هذا ليس بدلًا شرعيًّا، كضمان المتلفات؛ إذ لو كان كذلك لانحصر في المثل أو القيمة، ونحن إنما نقول بتعدي الرهن إلى بدل المتلف؛ لأنه قائم مقامه شرعًا، ولا كذلك الحاصل بالقسمة، وإنما هذا تصرف أوجبه الشرع على الشريكين لرفع الضرر، كما في الشفعة بأخذ الشقص بثمنه لا بقيمته، ولم يقل أحد: إن الرهن يتعدى إلى ثمنه، لكن قد سبق الفرق بينه وبين الشفيع، فلا مانع من جريان الاحتمال المذكور، وإن سكت عنه الأصحاب، وسبب سكوتهم أن هذه المسألة قلَّ من تكلم فيها، وليت شعري ما نقول، فما لو رهن نصف دار شائعًا، ثم تقاسم الراهن والشريك، هل يبقى النصف المقرر للراهن كله رهنًا أو يبطل الرهن في


(١) المهذب (٢/ ٢٢١).
(٢) التهذيب (٤/ ٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>