للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد صرح المصنف (١) والبغوي (٢) "أن المشتري إذا رهن الشقص أن الشفيع يفسخ الرهن" فكما يفسخ الشفيع الرهن يفسخه الشريك أيضًا؛ لأن كلًّا منهما حقه سابق على الرهن، والموجب لحقهما هو الشركة، وللمصنف أن يحتج بما قدمناه من أن حق الشفيع أقوى، فلذلك تسلط على فسخ الرهن، ولا كذلك حق القسمة، ويؤيده أن الماوردي قال فيما إذا اختلف المتبايعان وقد رهن المشتري المبيع، فتحالفا وتفاسخا.

قال الماوردي: "جاز ولم ينفسخ الرهن، وهل له أن يأخذ المشتري بفكاكه قبل محله؟ على وجهين، كمن أذن لغيره في رهن عبده، فإن بيع في الرهن ضمن المشتري قيمته للبائع، وإن افتكه منه رده على بائعه وبرئ من ضمانه" (٣). انتهى.

وفي كلام غيره من الأصحاب ما يقتضي أن الصحيح خلافه، بل إما أن يورد الفسخ على القيمة، وإما أن يصير حتى ينفك الرهن، والذي قاله الماوردي وجه منقول، وهو موافق لما يقوله المصنف هنا، فإن المقاسمة تقتضي نقل الملك، كما يقتضيه الفسخ، فكما لم ينفسخ الرهن هناك لم ينفسخ هنا، ويكون في مطالبة المقاسم للراهن بانفكاك ما ذكره الماوردي من الوجهين، ومستند عدم المطالبة أنه رضي بذلك، بل أقول: إن هنا أولى من التحالف؛ لأن في التحالف له طلب القيمة، فلا يضره ترك الفسخ، وهنا جوزنا له القسمة، وهي واردة على عين المرهون، فلم يبق إلا انتقال الملك إلى الشريك، فكما أنا في التحالف لا نقول بانتقال الملك مع انفساخ الرهن


(١) المهذب (٢/ ٢٢١).
(٢) التهذيب (٤/ ٣٦٥).
(٣) الحاوي الكبير (٥/ ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>