وأما إذا قلنا: إنها بيع، فإن طلبها الشريك الذي لم يرهن ولم يرض برهن شريكه أجيب، وإن طلبها الراهن أو الشريك الذي رضي، فإن لم يرض المرتهن لم يجبر، وإن رضي فعلى ما سبق أن الإمام يمنعه، والأصحاب مقتضى كلامهم جوازه، وقد عرف بما ذكرناه أن الشريك الذي لم يرض بالرهن يجاب إذا طلب القسمة قولًا واحدًا، سواء قلنا بأنها بيع أم إفراز وسواء حصل بها نقص أم لا.
وقد ذكر ابن الرفعة في "الكفاية" ما إذا رهن من شخصين وقضى دين أحدهما وأراد المقاسمة وحكاية الوجهين فيها من "المهذب"، ثم قال:"والخلاف يجري فيما إذا رهن ما يخصه من شيء مشاع، وأراد الشريك والراهن القسمة، والأظهر أن المرتهن لا يجبر على ذلك"(١). انتهى.
وهذا التخريج غير مقبول لثبوت الفرق، فإن الشريك الذي لم يرهن لم يلتزم للمرتهن شيئًا، وحقه في الاستقسام ثابت قبل المرتهن، فكيف يمنع بسببه، وأما الراهن، فقد التزم حكم الرهن، وأنه لا يباع ولا ينقص، فيجب عليه الوفاء به، والقول بإجابته إلى المقاسمة إذا قلنا: القسمة إفراز أو لم يحصل بها تنقيص لا شك فيه، ولا يخالف فيه، وأما إذا قلنا: إنها بيع، فلا وجه له.
وإذا قلنا: إنها إفراز وحصل بها تنقيص، فالوجه أنه لا يقال به وفي كلام بعضهم ما يقتضي القول به، وأنه يحتمل هذا التنقيص، وهو بعيد، فقد بان مأخذ الخلاف في الراهن دون الشريك الذي لم يرض لا يجوز إثبات خلاف فيه، ولم نر في كلام أحد من الأصحاب تعرض له في غير مسألة البيت من الدار، إلا في كلام ابن الرفعة الذي حكيناه الآن عن "الكفاية"، وكأنه