للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن الرفعة: أي على القول بأنها إفراز لا بيع، فهذه الإشارة من الإمام مع تصريح ابن الرفعة يبين أن تجويز القسمة هنا، إنما هو على وجه ضعيف، لكني لم أجد نفسي تنقاد إلى ذلك؛ لإطباق الأصحاب على ذكرها هنا من غير تفريع؛ ولأنهم لم يردوا على القائل بمنع الرهن بمنع القسمة بل عدلوا إلى شيء آخر، ولو كانت القسمة عندهم ممتنعة لمنعوه ما استند إليه في منع الرهن، ثم فكرت في الجمع بين ذلك، وما قالوه فيما إذا رهن اثنان وانفك نصيب أحدهما، وأراد المقاسمة حيث منعوه في الدار، وظهر لي حمل ذلك على ما إذا اجتمعا على الرهن، وكذلك صورها الشافعي في "الأم" فإنه قال: "رهنا معًا" (١) ولا شك أن ذلك يدل على رضا كل منهما برهن الآخر، فيلزمه الوفاء به، وعدم طلب القسمة إذا جعلناها بيعًا أو كانت تضر بالمرتهن إلى انفكاك الرهن؛ ولهذا قلنا هنا: إنه إذا أذن الرهن قولًا واحدًا للأمن من طلب القسمة، أما إذا رهن كل واحد وحده، ثم انفك نصيب أحدهما أو انفرد أحدهما بالرهن، فلا يمنع من انفك نصيبه ولا من لم يرهن من طلب القسمة؛ لأن ذلك حق له، فيستمر بعد الرهن، كما إذا رهن المشتري الشقص المشفوع يصح الرهن، ولا يمتنع على الشفيع أخذه، والشفيع شريك خاص يتسلط على تملك الشقص بثمنه الذي بذله المشتري، والمقاسم شريك متسلط على تملك مال شريكه، مما يخرج له بالقسمة بنظيره فتشابها وحسن قياس كل منهما على الآخر، غير أن حق الشفيع أقوى من جهة أنه يتسلط على نقض جميع تصرفات المشتري، كالوقف والبيع والهبة والمقاسم لا يتسلط على ذلك؛ لأن حقه على التراخي وكان متمكنًا قبل التصرف من المقاسمة، ويجر إبطاله للتصرفات ضررًا عظيمًا وحجرًا


(١) الأم (٣/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>