للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما قدمت من البحث كلام الأصحاب؛ يقتضي أنها وديعة مأمونة بل صرحوا به، وعلله المتولي بأن ما قبضه ليتملكه ولا لينتفع به، ولا هو متعدٍّ في أخذه وإمساكه، وعندي فيه نظر لما قلته، فإن الشريك لا غرض له في التسليم والمرتهن أو المشتري للحصة له الغرض وهو ضرب من الانتفاع، فإذا لم يرض بأخذها مضمونة، ولا رضي الشريك بتسليمها أمانة، يسلمها الحاكم إلى عدل، وتبع الرافعي الإمام في عبارته، فقال: "القبض في رهن المشاع بتسليم الكل" (١).

فرع

في المهايأة بين المرتهن والمالك، أو بين الراهن والشريك، أما المهايأة بين المرتهن والمالك، إذا رهنه نصف عين يملك جميعها فلم أرها في كلام الأصحاب إلا أن الغزالي قال: "تجري المهايأة بين المرتهن والمالك" (٢) وهذا منه يشمل الصورة التي ذكرناها ولا مانع من ذلك، فإن المرتهن إذا قبض النصف استحق إدامة يده عليه، فإذا اتفقا على أن يكون عنده يومًا وعند المالك يومًا، فلا منع منه بل ها هنا إذا امتنع المرتهن من ذلك، وطلبه الراهن أولى بالإجابة من أحد الشريكين.

نعم، قد يقال: إن المهايأة لا تمكن بين المرتهن والراهن؛ لأن حقيقتها مقابلة منفعة بمنفعة والمرتهن لا يملك المنفعة، أما المهايأة فيما إذا رهن أحد الشريكين نصيبه وسلمه، فإنها جائزة، كما قبل الرهن، وقد أجبنا عن تمسك الخصم بها وغاية ما فيها أن تتبعض اليد، بحكم الشيوع، وذلك لا بأس به، كما لا بأس به لاستيفاء الراهن المنافع، لكن هل تكون المهايأة بين


(١) فتح العزيز (٤/ ٤٣٩).
(٢) الوسيط في المذهب (٣/ ٤٦٢) وفيه: الراهن مكان المرتهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>