للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن استدامة القبض شرط لقوله تعالى: "فرُهُن مقبوضة"، فبزوال القبض تزول الوثيقة، ولأنه محبوس لحق الاستيفاء على قاعدتهم، فزوال اليد مزيل لحق الاستيفاء، كالمبيع المحبوس في يد بائعه، لاستيفاء ثمنه وأصلهم أن الرهن مقبوض قبض استيفاء كما قدمناه عنهم، واستحقاق اليد عندهم حكم أصلي للرهن، يتبعه امتناع التصرف.

وأما عندنا فالحكم الأصلي للرهن هو الاختصاص بالعين لتباع، ويستوفى منها الدين، ويتبعه استحقاق اليد وامتناع التصرف، وأورد أصحابنا عليهم أنهم إن اعتبروا استحقاق اليد من حيث الصورة واستدامتها، فباطل بالعارية، والغصب لا يبطل الرهن بهما بالإجماع وإن كان من حيث الحكم، فإذا آجره الراهن بإذن المرتهن فيد المستأجر كيد المرتهن حكمًا كالعدل، ومنعوا أن من ارتهن مشاعًا يستحق إزالة يده؛ لأن المهايأة عندنا لا تجب وإنما تتعلق برضا الشريكين، وبينوا أن قولهم بمعنى قارن العقد لا يؤثر؛ لأنهم قالوا: لو أذن المرتهن للراهن، فآجر بطل الرهن والإجارة طارئة، وإذا سقط وصف المقارنة، بطلت العلة؛ كما إذا باع نصف الدار المرهونة بإذن المرتهن، فإنهم قالوا: الرهن صحيح مع استحقاق الإزالة، هكذا نقل هذه المسألة عنهم أصحابنا الشيخ أبو حامد والماوردي وغيرهما، وراجعت الحنفية في ذلك، فقالوا: إنها رواية في الشيوع الطارئ ومشهور المذهب عندهم، أنه لا فرق بين الشيوع الطارئ والمقارن، لكنهم لم ينصوا على هذه المسألة التي نقلها أصحابنا في البيع، وإنما مثلوا الشيوع الطارئ بأن يتقايلا في نصف الرهن، وليست مسألة البيع في كتبهم، ورأيتهم يقولون: إنه لا فرق قال أصحابنا: ولو حصلت مهايأة كان في يد صاحبه في مؤنته، كما يكون في يد العدل، فلم يخرج من الرهن

<<  <  ج: ص:  >  >>