للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القياس، وطريقة القطع بالصحة مخالفة لنصه وللقياس، واعتمد الرافعي ما قاله ابن الصباغ، وقال: "إنه الحق" (١). وقول الشافعي: كان الرهن مفسوخًا؛ أي: باطلًا، والشافعي يطلق على الباطل: "مفسوخ"، وقيل: معناه: أنه يحكم بانفساخه إذا انتهى الحال إلى ذلك، وحقيقته أنه صحيح ظاهرًا، وفي الباطن موقوف على بيان الحال، هل يباع أو يؤول الحال إلى الحكم بفساد الرهن كما سيأتي في كلام المصنف، وهذا بعيد لقول الشافعي بعد ذلك: "والرهن غير جائز" (٢)، ولما سنذكره عند ذكر المصنف لذلك، وقول الشافعي: لأنه قد أثبت له عتقًا قد يقع قبل حلول الرهن مشكل؛ لأن عتق المدبر لا يتصور وقوعه قبل حلول الدين؛ لأنه لا يقع إلا بالموت، ومتى مات حل الدين، فمنهم مَن حمله على أنه قد يكون دبره، ثم رهنه على دين على غيره، فإنه جائز، كما قدمناه، وفي هذه الصورة قد يموت السيد، فيعتق، والذي عليه الدين المؤجل باقٍ، أي: وإذا كان كذلك، فقد فات شرط الرهن، وهو إمكان استيفاء الحق منه ببيعه عند حلول الأجل، وينبغي لو صح هذا المعنى، أن يفرق بين الدين الحال والمؤجل، وبين أن يشرط بيعه أو لا، وبين دينه ودين غيره، ولم يقل أحد بذلك، وقيل: معناه: أن الراهن أثبت للعبد حق حرية بعقد التدبير، وقصد القربة إلى الله تعالى، فإذا رهن، فقد تعمد إلى إبطال تلك القربة، إذ ربما يباع في الرهن، فلا يجوز إبطال قربة من جهة التدبير إلا بإزالة الملك، والرهن لا يزيل الملك، فتقدير تعليله؛ لأنه أثبت له حق عتق على جهة القربة قد يقع، ويوجد سببه وهو الموت قبل حلول الحق، قاله الروياني (٣)، وهو صحيح، لكنه لا


(١) فتح العزيز (٤/ ٤٤٩).
(٢) الأم (٣/ ١٦٢).
(٣) بحر المذهب (٥/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>