للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التدبير، وإنه إذا رجع بعد الرهن لا بد أن يجدد رهنًا"، فهو نص في القطع بأن الرهن لا يصح، ولا يكون رجوعًا، وإن جعلناه وصية، ومضمون كلام الشافعي أنا إن جعلنا التدبير عتقًا بصفةٍ؛ لم يصح رهن المدبر بحال، وإن جعلناه وصية لم يصح رهنه إلا بأن يقدم الرجوع، وليس لطريقة القولين مع هذا اتجاه إلا أن يكون لها نص آخر ومأخذ منع الرهن مع القول بأن التدبير وصية أن التدبير آكد من الوصية؛ لأنه يلزم بالموت من غير قبول، فلم يجز الرجوع فيه إلا بصريح القول، أو بما يزيل الملك.

وقوله: وإن ملكه ثانيةً، فرهنه جاز رهنه مبني على أن اليمين لا تعود وهو الصحيح، وقد حكى الروياني أن قولي عود اليمين جاريان فيه، وقوله: ويكون هذا كعتق إلى غايةٍ لا يبطل إلا بأن يخرج العبد عن ملكه نص في بطلان ما أوهمه كلام البندنيجي أن الرهن مبطل للتعليق كما سبق.

وقوله: ولو كان رهنه، ثم دبره بعد الرهن، كان التدبير موقوفًا مراده إذا دبره بعد القبض، كما صرح به الروياني في حكايته عنه، وحكى الروياني عن أبي حامد أنه قال: "عندي تدبير المرهون يُبْنَى على القولين في عتقه.

قال الروياني: وهذا خلاف النص، ولا يشبه العتق؛ لأنه يبطل حق المرتهن من عين الرهن؛ لأنه يمنع من بيعه، والتدبير لا يمنع من بيعه، فلا يبطل حق المرتهن" (١)، واختار الروياني في "البحر" أن طريقة القولين أصح، لكنه ما بناهما على أن التدبير وصية أو عتق بصفة، وإنما بناهما على أنه هل يصح الرجوع عنه بما لا يزيل الملك أو لا؟

إن قلنا: نعم، صح الرهن، وبطل التدبير، وإلا فلا يصح الرهن ويبقى التدبير بحاله، وهذه الطريقة مخالفة لقول الشافعي واقتضائه أن التدبير لا


(١) بحر المذهب (٥/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>