للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيته في "الإفصاح" أنه إذا قال له: إذا دخلت الدار، فأنت حر لم يجز رهنه، ولم يصرح بقوله قولًا واحدًا، ومثل هذا اللفظ كثيرًا ما يعده الأصحاب قطعًا، والرافعي في بعض المواضع يشاحح فيه؛ لعدم التصريح بالقطع والإشكال على ابن الصباغ أشد لنقله عنه، أنه قال قولًا واحدًا، وليس في لفظه ذلك، ولم أَرَ في "الإفصاح" في هذا المكان غير ما قدمته، ومذهب أبي حنيفة وأحمد صحة الرهن (١)، كالقول الأول، والفوراني نقل طريقين؛ إحداهما: القولان.

والثانية: القطع بالمنع، لكن لم ينسبها إلى واحد معين لا صاحب "الإفصاح" ولا غيره، وذكر القاضي حسين والإمام أنه إذا احتمل حلول الأجل قبل الصفة واحتمل وجودها قبل حلوله؛ ترتب على ما لو تيقن وجود الصفة قبل الحلول إن جوزناه، فهذا أولى وإلا فقولان. انتهى.

وهذا يقتضي مجيء طريقةٍ قاطعة بالجواز هنا، وقد حكاها ابن أبي عصرون وصححها (٢)، وبذلك تجتمع ثلاث طرق، وها هنا لطيفة؛ وهي أن أبا علي الطبري إن كان هو المخرج على ما يصلح فساده، وضممنا إليه ما قاله القاضي حسين من الترتيب أنتج أنه قائل بالجواز هنا قطعًا، وذلك عكس ما نقله ابن الصباغ والرافعي عنه، وإن صح ما نقلاه عنه من المنع، وسلك الترتيب المذكور أنتج أنه لا يقول بالصحة هناك، وهو خلاف ما نقله المصنف، ولا يمكننا الجزم بفساد أحدهما؛ لاحتمال أن يقول بهما، ولا يوافق على الترتيب المذكور غير أن القول بالصحة هناك حكمه عند مَنْ يخرجه على ما يتسارع إليه الفساد، أنه يباع قبيل وقت وجود الصفة، وهنا


(١) فتح العزيز (٤/ ٤٥٠).
(٢) الانتصار (من بداية كتاب البيع إلى نهاية كتاب الشفعة) (ص ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>