للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحال بلا خلاف، وإن منع الصحة في الابتداء على أحد القولين، كما أن إباق العبد يمنع صحة العقد، ولو طرأ لم يوجب الانفساخ بلا خلاف؛ لأن الشروط تراعى في الابتداء دون الدوام، وكذا لو نكح أمة بشرطه، ثم قدر على نكاح حرة لا يبطل النكاح، وإن كان المزني خالف فيه هذا إذا كان عروض الفساد بعد القبض، فلو طرأ ذلك قبل قبض المرهون، ففي الانفساخ وجهان، كما في عروض الموت والجنون.

قال النووي: "الأرجح أنه لا ينفسخ" (١)، والأمر كما قال؛ لأن الإمام (٢) وغيره حكوا الوجهين، وبنوهما على الوجهين في طريان الجنون والموت وجناية المرهون، والأصح في طريان الجنون، وموت المرتهن، وجناية المرهون عدم الانفساخ، وكذلك إذا تخمر العصير قبل القبض وأبق العبد، فإن الأصح عدم الانفساخ، كما صرح به الرافعي في "المحرر"، وإن كان للنظر فيه مجال، ويمكن الفرق بين موت العاقد وجنونه وبين حدوث صفة في المعقود عليه لو قارنت لمنعت الصحة، ولكن المنقول ما ذكرناه، وأجرى الإمام الوجهين فيما لو قتل العبد المرهون قبل القبض، هل يتعلق حق الوثيقة بقيمته الواجبة على المتلف؟

وحاصله: أن حال عدم القبض هل يُنزل منزلة ما قبل الرهن لعدم اللزوم؟ أولًا لوجود أحد سببي اللزوم فيه هذا الخلاف، هذا كله إذا فَرَّعنا على أن ما يتسارع إليه الفساد لا يجوز رهنه، أما إذا قلنا بالجواز، فعروض ذلك بعد العقد، وقبل القبض لا يضر بلا خلاف.

قال الرافعي: "وإذا لم ينفسخ يُباع، ويجعل الثمن رهنًا مكانه" (٣)، وهذا


(١) روضة الطالبين (٤/ ٤٤).
(٢) نهاية المطلب (٦/ ٨٠).
(٣) فتح العزيز (٤/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>