للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقوى القول بالفساد وتعليله للصحة بأن مطلق العقد يحمل على المتعارف، والمتعارف فيما يفسد أن يباع ممنوع أن المتعارف ذلك، وسند المنع أنه إن أريد في غير المرهون، فقد يباع وقد يوكل وإن أريد في المرهون فلا عرف، وتعليل الشافعي في "المختصر" (١) و"الأم" (٢) بأن "للراهن البيع قبل محل الحق" يقتضي أن تمكنه من البيع كافٍ من غير إجبار وزاد عليه في "الأم": "أنه قد يموت من ساعته فيباع" يعني: فهو مما يمكن بيعه الآن، وكلا المعنيين موجود في المعلق عتقه بصفة وقد نص فيه على الفساد وأطبق عليه الأكثرون، وتعليله في البويطي بأنه يأتي السلطان إلى آخره يقتضي الإجبار ومنه يخرج ما قاله المصنف من التعليل لكن قد بينَّا المنازعة فيه.

فإن قلت: فهذا يقتضي ميلك إلى القول بالفساد من غير إشكال، وأنه كالمعلق عتقه بصفة.

قلت: أما إلحاقه بالمعلق عتقه فبعيد؛ لأن في المعلق عتقه وصفًا زائدًا، وهو استحقاق عتقه قبل محل الدين، وهذا المعنى مفقود فيما يتسارع إليه الفساد، وهذا المعنى زائد على ما يفرق به الأصحاب من أن العرف فيما يسرع إليه الفساد أن يباع بخلاف المعلق عتقه وهو أيضًا فرق لا بأس به، فإن بيعه يعد حفظًا له عرفًا، وهذا القدر كافٍ في حمل الرهن المطلق عليه، ولولا أن البيع في مثل ذلك من أسباب الحفظ، لما جوزنا اشتراطه كما لا يتسارع إليه الفساد؛ فلذلك القولان متقاربان في النظر، ولا جرم كثير من الأصحاب أرسلوهما من غير تصحيح؛ ولنا أسوة بهم.

فإن قلت: القول بالتصحيح وحمل الأمر على البيع وحفظ الثمن يقتضي


(١) مختصر المزني (٨/ ١٩٥).
(٢) الأم (٣/ ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>