للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصحاب، واتفق الأصحاب كلهم على أنه لا يجب للمرتهن أرش لما ذكره المصنف.

وقوله: "ولو فات الرهن بالهلاك"، أي: تحت يد الراهن لم يجب بدله، يعني: بل إنما يثبت للمرتهن الخيار، وهنا تعذر الخيار، لتعذر الرد فانسدَّ باب الرد، ولزم البيع.

قال الشيخ أبو حامد: إن قيل: ما الفرق بين هذا وبين المبيع إذا تلف في يد المشتري، ثم علم أنه كان به عيب حيث قلتم: إن له أن يأخذ الأرش؟

قيل: الفرق بينهما من ثلاثة أوجه: أحدها: أن البائع يجب عليه تسليم الجزء الذي يكون الأرش في مقابلته، حتى أنه لو كان موجودًا لأجبر على ذلك، فكذلك يجبر على تسليم ما في مقابلته، وها هنا لا يجبر الراهن على تسليم ذلك، فلا يلزم بتسليم مال في مقابلته.

والثاني: أن المبيع لو تلف جميعه في يد البائع، لزمه رد جميع الثمن والعيب بمنزلة جزء من المبيع تلف في يده، فلزمه ما في مقابلته من الثمن، والرهن لو تلف جميعه في يد، الراهن، لم تلزمه قيمته، كذلك في هذا الموضع.

والثالث: أن يقول المشتري: إذا لم يثبت له الأرش لم يرجع إلى شيء آخر؛ فلهذا أثبتنا له ذلك، وحق المرتهن لا يسقط شيء منه بفوات ذلك الجزء؛ فلهذا لم يوجب له في ذلك شيئًا. انتهى.

وذكر الماوردي هذه الثلاثة الأجوبة أيضًا بمعناها (١)، والذي ذكره المصنف هو الثاني منها، وقد وافق الرافعي البغوي في باب الشروط في البيع على حكاية الوجهين في التلف، وحدوث العيب، وعلى تصحيح عدم


(١) الحاوي الكبير (٦/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>