للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قلنا بالثاني: فالرهن قد حصل ولم ينفسخ، فليس له فسخ البيع والذي نص عليه الشافعي في ذلك أنه قال في "المختصر": "ويجوز رهن العبد المرتد والقاتل فإن قتل بطل الرهن" (١). وقال في "الأم": "ولو كان المرتهن لم يعلم بارتداده ولا قتله ولا سرقته فارتهنه، ثم قتل في يده أو قطع كان له فسخ البيع" (٢). انتهى.

وهذان النصان متفقان على جعله من ضمان البائع، وهو الأصح، وليس فيهما ما يقتضي أنه إذا تلف في غير هذه الصورة حيث يكون من ضمان المرتهن يثبت له الخيار، فلا أدري كيف هذا الذي نقله القاضي، فإن كان مأخذه ما ذكرناه من النص، فلا متعلق فيه والظاهر أنه مراده بقرينة ذكره تخريج الأصحاب معه ولا شك أن كلام القاضي هو مادة الإمام والبغوي فيما حكيناه من الوجهين، وبهذا يتوقف في الوجه القائل بأن له الفسخ، ويعلم أن الأصح أو الصواب عدم الفسخ، كما قاله الأصحاب.

فإن قلت: أما نصه في "المختصر" فصريح في بطلان الرهن وتفريعه على ضمان البائع، وأما نصه في "الأم" فليس صريحًا وفي صدره في الأم ما يدل على خلافه فإنه قال: فإن قتل أو ارتد وعلم ذلك المرتهن ثم ارتهنه كان الرهن ثابتًا، فإن قتل في يديه، فالبيع ثابت وقد خرج الرهن من يديه.

قلت: المذهب الصحيح أنه من ضمان البائع في حالة الحميل دون العلم، وهذا النص يشهد له.

وأبو إسحاق يقول: من ضمان البائع مطلقًا، وهذا النص يرد عليه، وابن أبي هريرة يقول: من ضمان المشتري مطلقًا.


(١) مختصر المزني (٨/ ١٩٣).
(٢) الأم (٣/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>