والأمر كما قال لكن الوجه المذكور هو القياس، والمذهب مشكل لعلنا ننظر في تحقيقه في كتاب الوصايا إن شاء الله تعالى.
والرافعي حكاه هناك وسكت عليه، وحكى فيه الوجه المذكور وأنه مذهب أبي حنيفة، وإنما يتم بحثه هنا عليه حتى يصير حجر المرض بمنزلة الرهن السابق.
وقال النووي في "الروضة": "قول الإمام الرافعي: الحكم بالانفكاك إنما يظهر إلى آخره خلاف مقتضى إطلاق الإمام والغزالي، والظاهر أن المسألة على إطلاقها، وليست هذه الصورة من الأولى في شيء؛ لأن الأولى في انفكاك نصيب الابن من العين التي رهنها الميت والثانية في انفكاك نصيبه من تعلق التركة، وليس للرهن في الثانية وجود، ففي قول: ينفك تعلق الدين بنصيبه، فينفذ تصرفه فيه، وفي قول: لا ينفك التعلق، ولا ينفذ تصرفه في نصيبه إذا منعنا تصرف الوارث في التركة قبل قضاء الدين"(١). انتهى.
وكان مراده: إنا وإن حجرنا بالمرض، فليس الحجر بمنزلة الرهن، وإنما يتعلق الدين بالتركة بعد الموت، ولهذا سوَّغنا أن نخص بعض الغرماء بقضاء دينه، لكن للرافعي أن يقول: إنا إذا حجرنا عليه لحق الغرماء بدليل أنه لا ينفذ تبرعه في الثلث عند مزاحمة الدين صار كالمرهون، ويحتمل أن يقال: إنه ليس كالمرهون؛ لأن له أن يصرفه في ملاذه وشهواته، وإنما يمنعه من التبرع فقط بشرط الموت، فلا تعلق للدين بمال المريض إلا في منع التبرع المذكور، فلا يشبه الرهن وبهذا يظهر ما قاله النووي وأطلقه الإمام، والغزالي، من عدم الفرق بين أن يسبق مرض أو لا، وتزول شبهة،