امتنع لم يكن إلا الخيار؛ عملًا بمدلول اللفظ من غير زيادة، وهذا الخيار يجب بعد امتناع على الفور؛ لأنه خيار عيب والامتناع يكون بعد الطلب، صرح به الماوردي.
فإن قلت: قد قالوا بالإجبار في شرط العتق والإشهاد وهو يدفع ما تقول.
قلت: قالوا به في العتق؛ تفريعًا على أنه حق الله تعالى، أما على القول بأنه حق البائع، فالطريقة الصحيحة الاقتصار على الخيار كما هنا، ومنهم من طرد فيه الخلاف، وهي طريقة ضعيفة لم يقل أحد بها في الرهن.
وأما الإشهاد ففيه الخلاف؛ كالعتق ولعل مأخذ القائل بالإجبار أن الإشهاد قد يقال: بوجوبه من غير شرط؛ اعترافًا بالحق فكيف إذا تأكد بالشرط؟!
فإن قلت: لو كان معنى الشرط هذا لم يجب العوض في قوله: أنت طالق على ألف إذا قبلت.
قلت: الاشتراط تارةً يحمل على معنى العوضية كما في الخلع، فيجب وجوب الأعواض، وتارة لا يكون كذلك بل شرطًا محضًا فمعناه ما ذكرنا وما نحن فيه من هذا القبيل؛ لأن استحقاق الرهن لا يصلح أن يكون عوضًا ألا ترى أنه لو قال: بعتك هذا بأن ترهنني دارك بما لِيَ عليك من الدين، لم يصح هذا الذي خطر لي في تقرير ذلك بعد أن استشكلته ولم أر صدري يثلج بوجوب الرهن والإجبار عليه؛ إذ لا عهد بمثله ولا بعدم ذلك مع التزام المشتري إياه، وأقصى ما وصل إليه نظري هذا، وفوق كل ذي علم عليم. وأما سؤال ابن الرفعة السابق في تطرق الفساد إلى البيع فليس بشيء.