الرهن أو زال، ولا يجاب المرتهن إلى تبقية العين مرهونة، ومنع الورثة التصرف فيها بعد بذلهم القيمة؛ إذ لا حق عليهم غيرها بخلاف المورث، وإن كان دين آخر، فالكلام في مجموع الديون كالكلام في الدين الواحد.
وبهذا يتبين أن قول الرافعي، وقد يعكس، فيقال: إن قلنا بأخذ حكم الرهن بقي الرهن لتأكده ليس بجيد؛ لأن حكم الرهن هنا مختلف لما بيناه، فلا يؤكد الثاني الأول بل يرفعه سواء كان ثَمَّ دين آخر أم لا، وقد قدمنا أن كلام الرافعي قد يتم إذا لم يكن دين آخر، وهذا الذي قلناه الآن أولى، فإن قلت: هذا يلزم منه إذا مات الراهن بعد القبض أن يتغير حكم الرهن، وقد جزم الأصحاب ببقائه.
قلت: جزم الأصحاب ببقائه بمعنى: أن أصل الرهن باق لازم، وأما أن جميع أحكامه باقية، فلا وتحقيق القول فيه أنه إن لم يكن هناك تركة غيره، فالمرتهن يتعلق به حتى يُوفي أقل الأمرين من قيمته، وما هو رهن عليه لا شيء للمرتهن على الورثة غير ذلك، والتعلق الذي كان بالدين بالغًا ما بلغ قد انقطع، وإنما يظهر أثر لزوم الرهن بالنسبة إلى غريم آخر إن كان مات المرتهن يقدم عليه ولا يزاحمه، وإن كان هناك تركة غير الرهن، فإن كان هناك غريم آخر شاركه المرتهن في التعليق ببقية التركة مع انفراده بالرهن، فلو بذل الوارث هنا للمرتهن قيمة الرهن لم ينفك رهنه حتى يبذل له الأقل من جميع دينه من القدر الذي يخصه من بقية التركة إذا وزعت عليه، وعلى الغرماء مضافًا إلى قيمة الرهن وإن لم يكن هناك غريم آخر فدين المرتهن متعلق بالرهن خصوصًا وبالتركة عمومًا حتى يقضي أقل الأمرين من دينه وقيمة جميع التركة، فقد ظهر في الأحوال كلها أن الحكم قد يختلف بموت الراهن بعد القبض في التعلق، وهذا تحرير بالغ لا شك فيه، وإطلاق