فحكمه حكم واحد لا يختلف، ألا ترى أن الواهب والناحل والمتصدق لو مات قيل: يقبض الموهوب له والمنحول له والمتصدق عليه ما صُيّر لكل واحد منهم بطل ما صنع" (١). انتهى.
وهذا نص في بطلان الهبة، وإذا ثبت ذلك في الهبة، فالرهن أولى، ولا جرم كان الصحيح عند الأصحاب طريقه إجراء القولين، والأظهر منهما: أنه لا ينفسخ بموت واحد منهما؛ لأنه يؤول إلى اللزوم؛ كالبيع في زمن الخيار.
والثاني: ينفسخ بموتهما؛ لأنه لا يلزم بحال، كذا عللهما المصنف وغيره وظاهر هذين التعليلين التعارض والمصادرة.
ووجه تصحيحهما: أن قوله: "لا يلزم بحال"؛ أي: من الجانبين، وإن لزم من أحدهما بعد القبض.
وقوله: "يؤول إلى اللزوم"، أي: في جانب الراهن بعد القبض، وبهذا يعلم أنه أخذ شبهًا بالبيع في زمن الخيار من وجه دون وجه، فكل من القولين راعى شبهًا، وبذلك فارق الوكالة التي لا تلزم بحال من الأحوال، فهو رتبة متوسطة بين البيع في زمن الخيار والوكالة؛ فلذلك جرى القولان؛ وترجح إلحاقه بالبيع؛ لما بينهما من اللزوم، والمناسب للانفساخ ألا يكون لزوم البتة، كما في الوكالة، فحيث كان في العقد من حيث الجملة لزوم بوجه ما لا يرتفع بالموت، وقد نسب القول بالانفساخ إلى أبي إسحاق، وهو اختيار لأحد القولين وموافق لما تقدم عنه من تشبيهه الرهن بالوكالة، والصحيح خلافه، وقد قدمنا رجوع أبي إسحاق، وفي "البحر" عنه الاحتجاج للرجوع بأن الرهن لا يبطل بموت المرتهن بالإجماع.