للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال:

وإن أذن له ثم جُنَّ أو أغمي عليه لم يجز أن يقبضه؛ لأنه خرج عن أن يكون من أهل الإذن، ويكون الإذن في القبض لمن ينظر في ماله.

قال أبو إسحاق: يبطل الرهن بالجنون والإغماء قبل القبض؛ كالوكالة والشركة، والمذهب المشهور الذي قطع به الأكثرون أنه لا يبطل (١) وقيل على الخلاف الذي سيأتي في موت أحد المتراهنين وفي "البحر" عن الماسرجسي أن أبا إسحاق رجع وقال: "لا يبطل الرهن؛ لأنه يؤول إلى اللزوم" (٢)، فعلى المذهب الرهن باقٍ بحاله، لكن لا يصح من المجنون والمغمى عليه إقباض ولا قبض ولا يعتد بقبض المرتهن بعد جنون الراهن وإن تقدم إذنه، فإن الإذن يبطل كالوكالة وليس كعقد الرهن الذي ينتهي إلى اللزوم وهذا لا خلاف فيه، وقد وقع في كلام الشافعي ما يفهم خلاف ذلك، وتأوله الأصحاب وهذا معنى قول المصنف لم يجز أن يقبضه، ويدخل في عموم قوله: "قبضه في حال الجنون وبعده لا يصح في شيء من الحالتين، إلا بإذن جديد ممن يعتبر إذنه وتعليله ناطق بأن الإذن قد بطل".

وقوله: "ويكون الإذن في القبض لمن ينظر في ماله"، يقتضي بقاء الرهن، كما قلنا: إنه المذهب.

قال الأصحاب: "فإن كان الذي جن الراهن، فيعتبر حال الرهن فإن لم يكن في تسليمه حظ للراهن لم يكن لوليه أن يسلمه؛ لأن الرهن وإن كان لا


(١) انظر: البيان (٦/ ٢٠).
(٢) بحر المذهب (٥/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>