للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا وجه: أن الرهن بالعهدة جائز، وقد سبق، ووجه أن ضمان الأعيان المضمونة جائز، ومقتضى التسوية بين الضمان والرهن أن يأتي في الرهن بها كمذهب مالك، وقد حكاه الرافعي عن نقل الإمام (١).

وقال ابن الرفعة: إنه لم ير هذا الوجه في كلام الإمام صريحًا، بل هو يؤخذ منه؛ لأنه قال: ولا يجوز الرهن في العين في المذهب الظاهر، ثم قال في فصل بعده: "إن الرهن يجاري الضمان في محل الوفاق والخلاف في القديم والجديد، إلا في أمثال ضمان العهدة فإن الرهن ينفصل في ظاهر المذهب عن الضمان؛ ويجري وجه مطرد للقفال في تنزيل الرهن في منزلة الضمان" (٢).

قلت: وهذا الكلام من الإمام يمكن تنزيله على ضمان العهدة، ولا يلزم إجراؤه في سائر الأعيان المضمونة، فإن الصحيح صحة ضمان العهدة، والصحيح أنه لا يصحُّ ضمان الأعيان المضمونة، أعني: إذا أريد أن قيمتها تضمن عند التلف، أما التكفل بردها، فالصحيح جوازه، كما يجوز كفالة الأبدان، فإن صحَّ وجه في الرهن بها، فيكون منتزعًا، إما من الوجه الضعيف القائل بصحة ضمانها، وإما من الوجه الصحيح القائل بضمان ردها، وقد فرَّق الرافعي بين الضمان والرهن بأن الضمان التزام في الذمة، فلو لم يتلف العين المضمونة لم يجرّ الالتزام ضررًا، وفي الرهن دوام الحجر في المرهون يجرّ ضررًا ظاهرًا (٣). انتهى.

ومفهوم هذا الكلام يقتضي أنها إذا تلفت يجرُّ الضمان ضررًا؛ وهو لذلك


(١) فتح العزيز (٤/ ٤٥٨).
(٢) كفاية النبيه (٩/ ٣٩٦).
(٣) فتح العزيز (٤/ ٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>